السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الي كل الاخوان الموجودين في هذا المنتدي الطيب والانيق
هي قصة جميلة ومعبرة وفيها الخير والسعادة
قصة لأعظم محاكمة في تاريخ البشر
هذه القصة ليست خيالية ولا من قصص ألف ليلة وليلة ولكنها من تاريخ المسلمين الناصع ، اقرأوها بقلوبكم
سمرقند هي تلك البلاد العظيمة تقع في شمال آسيا، صاحبة الأرض الخضراء فيهامن النعيم والجبال والتلال والغابات مالا عين رأت ولا أذن سمعت ... سمرقندهي مدينة مليئة بالذهب والفضة والحرير والخزف والثروات الطبيعية، كما إنهالها جيش قوي شديد وكان أهل سمرقند وثنيين يعبدون الأصنام التي صنعوها منالأحجار المرصعة بالجواهر ثم يسجدون لها وكانت هذه الآلهة في معبد وسطالجبال ويعتبر هذا المعبد لكبار الرهبان وكانت هناك الكثير من المعابدالصغيرة المنتشرة في وسط سمرقند.
في ذلك العهد كان يحكم المسلمين الخليفة العادل الذي يضرب فيه المثل بحكمه العادل الزاهد الراكع الساجد وفيه كثير من صفات جده الفاروق عمر بنالخطاب رضي الله عنه، هذا الحاكم الذي يحكم كل تلك البلاد له ملك لم يملكهملك مدى الدهر لا كسرى الفرس ولا قيصر الروم ولا خاقان، له ملك امتد منالصين إلى غرب المحيط الأطلسي ملك عظيم ليس فوقه إلا الله سبحانه، زوجتههي فاطمة بنت عبد الملك الخليفة من قبل وأخت الخليفة سليمان و هي امجدامرأة في العرب،سبعة من محارمها كانوا خلفاء.
إنه الخليفة عمر بن عبد العزيز ...رحمه الله ...
حينما أتى الجيش الإسلامي بقيادة قائد محنك خبير شديد على الكافرين رحيم على المسلمين
هو قتيبة بن مسلم - يرحمه الله رحمه واسعة - أتوا على مشارف سمرقند أمرالجيش بأن يتجه للجبل خلف المدينة لكي لا يرى أهل سمرقند جيش المسلمينفيتحصنوا وهجم على المدينة بكتائب الجيش من خلف الجبال، وكأنهم إعصار منشدتهم وسرعتهم وإذا بهم وسط سمرقند فاتحين لها ومهللين بذكر الله لم يملكأهل المدينة إلى الاستسلام التام ، هرب الرهبان إلى المعبد الكبير وسطالجبال واختبأ أهل سمرقند في بيوتهم لا يخرجون خوفاً من المسلمين
واستقر الوضع للمسلمين.
فبدأ بعض السمرقنديين الخروج من منازلهم لجلب الماء والطعام وكانوا يرسلونأطفالهم الصغار للقيام بهذه المهام وكان المسلمين لا يتعرضون لهم بل كانوايساعدونهم بنقل وكان الأطفال يدخلوا على أهلهم بكل بشاشه وسعادة محملينبالطعام والماء فبدأ الاطمئنان والسكينة يدخل قلبهم وما هي إلى مده قصيرةإلا ورجع الناس لمحلاتهم ومزارعهم وممتلكاتهم فوجودها كما هي لم ينقص منهاشيء وبدأت الحياة الطبيعية تسير بين المسلمين وأهل سمرقند بالتجارة ،ووجدوا المسلمين أمناء في تجارتهم لا يكذبون ولا يغشون ولا يظلمون، وزادهذا الإعجاب بأن تشاجر اثنان واحد من أهل سمرقند والأخر من المسلمين ذهبواللقاضي فحكم القاضي لسمرقندي.
فوصل الخبر لرهبان الهاربين في المعبد الذي بالجبل فقالوا إذا كان هذا قضائهم عادل
فلابد من وجود حاكم عادل فأمروا أحد رجالهم بأن يذهب لحاكم المسلمين ويخبره بما حدث
فذهب هذا الشاب حتى وصل إلى دمشق وكان ممتلئ بالخوف و رأى قصر كبير وقالفي نفسه إن هذا هو قصر أميرهم، ولكن رأى الناس تدخل وتخرج بدون حاجب ولارقيب تشجع ودخل وكان هذا هو المسجد الأموي المرصع بالأحجار الكريمةوالزخارف الإسلامية والمآذن الشامخة والناس ركع سجود وأخذ يتأمل هذاالمكان الرائع ورأى المسلمين يصفون
صفوف متساوية مرتبه وهو مندهش كيف هذه الإعداد تصطف بهذا السرعة.
فقام بعد الصلاة وخروج المسلمين من المسجد و توجه إلى أحد المسلمين وسألعن قصر الخليفة. فقال له: أين أميركم. فقال له : هو الذي صلى بنا أمارأيته!!! قال: لا. قال له المسلم: ألم تصلي معنا؟ قال: وما الصلاة ؟ قالالمسلم: هي طاعة وعبادة لله عز وجل وحده لا شريك له وترك الفحشاء والمنكر. قال له المسلم: ألست بمسلم ؟ قال: لا. فتبسم المسلم وقال له: ما دينك؟ قال : على دين كهنة سمرقند. قال: وما دينهم ؟ قال: يعبدون الأصنام. قال لهالمسلم: نحن مسلمون نعبد الله عز وجل ولا نشرك معه أحدا.
فوصف له منزل أمير المؤمنين ذهب الشاب على الوصف فوجد منزل من طين قديمووجد رجل بجوار الجدار يصلح الجدار وثوبه مليء بالطين فرجع للمسلم بالمسجدوقال له أتهزئ بي أسألك عن أميركم ترسلني لشخص فقير يصلح الجدار.
فقام المسلم مع الشاب حتى وصل إلى بيت عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين وأشار له هذا هو الأمير الذي يصلح الجدار، فقال الشاب يا رجل لا تهزئ بيثانيا.
قال المسلم والله هذا هو فصعق الشاب وهو يتذكر كهنتهم المتكبرين على الناس
وبينما هو مندهش يتأمل.
أتت امرأة مع ابنها وكانت تطلب من أمير المؤمنين أن يزيد عطائها منبين مال المسلمين لأن أبنائها كثر، فجأة يقوم ابن المرأة ويضرب أبن أميرالمؤمنين، تخاصما على لعبة صغيرة. وشق رأسه وأخذ الدم ينزف فهرعت زوجة عمرللولد حملته وصرخة على المرأة،
فخافت المرأة وارتعبت بما فعل ولدها الصغير بابن أمير المؤمنين ، ثم دخلعمر البيت ولف رأس ابنه، وخرج للمرأة وهدأ من روعها وطمأنها وأخذ اللعبةمن ابنه وأعطاها لولد المرأة
ثم قال لها اذهبي للخازن وقولي له أن يرفع عطائك فقالت زوجة أمير المؤمنين يضرب ابنك ثم ترفع لها المال وتهدي لأبنها اللعبة.
قال عمر لقد أرعبتيها ، قال رسول الله من روع مسلماً روعه الله يوم القيامة ......) ثم أكمل إصلاح الجدار.
وكان الشاب السمرقندي ينظر إلى ما يراه بتعجب شديد وهنا اجترأ وقدم بخطى بطيئة إلى عمر بن عبد العزيز وقال: أنت أمير المسلمين؟
فقال الأمير نعم و ما شأنك ؟ . فقال يا أمير المؤمنين إني صاحب مظلمةفرد عليه الخليفة على من تشتكي ....فقال الفارس :على قتيبة بن مسلم، فعلمالخليفة إنها ليست شكوى بين اثنين.
فأكمل الفارس شكواه: أرسلني كهنة سمرقند فأخبروني أنه من عادتكم أنكمعندما تفتحون أي بلد تخيرونهم بين ثلاثة أمور ،أن تدعوهم للإسلام أوالجزية أو الحرب....
قال الخليفة: نعم ،هذه عادتنا قال ومن حق تلك البلاد أن تختار بين الثلاثة....
قال الشاب وليس من حقكم أن تقرروا و تفاجئوا وتهجموا،
قال الخليفة: نعم ،فليس من عادتنا أن نفعل ذلك والله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك ،ورسولنا الكريم نهانا عن الظلم.
فقال الشاب أما قتيبة بن مسلم لم يفعل ذلك ،بل فاجئونا المسلمون بجيوشهم ...
لما سمع الخليفة ذلك لم يصدر أمر فليس من عادته أن يسمع لطرف واحد....فلابد أن يتأكد.
فأخرج ورقة صغيرة وكتب فيها جملة من سطرين...فأغلقها وختم عليها...وقال الخليفة أرسلها لوالي سمرقند وهو سيرفع عنكم المظلمة.
انطلق هذا الشاب من دمشق إلى سمرقند قاطع هذا المسافة في الصحاري والجبال
وهو يقول ورقه ماذا ستفعل ورقه أمام سيوف قتيبة بن مسلم المقاتل الشرس
حتى وصل إلى سمرقند و وأعطاها للكهنة فقالوا له أعطها للوالي ليقضي ما في الورقة
ذهب الشاب وأعطاها للوالي،
استغرب والي سمرقند وتعجب من الرسالة ولكنه يعرف ختم أمير المؤمنين....فتأكد إنها منه...فتحها...و أذبها. فكان فيها الآتي:
" من أمير المؤمنين إلى والى سمرقند السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته، نصب قاضيا يحتكم بين كهنة سمر قند وقتيبة بن مسلم ..وكن أنت مكانقتيبة". لم يشأ الخليفة أن يرجع قتيبة ويشغله عن فتوحاته...
وإن رأى القاضي غير هذا الآمر فنفذوه ...
لم يستطع الوالي فعل شي إلا أن يفعل كما كتب في ذلك السطرين. فعين القاضي سريعا.
لكن أمر القاضي أن يرجع قتيبة....لحرصه على العدل وخاف أن تخفى أمورا علىالوالي لا يعرفها إلا قتيبة ،.فحدد لهم يوم غد في المسجد يجتمع الكهنة ثمأمر القاضي بجمع الناس و بحضور قتيبة بن مسلم قائد أقوى جيش يصول الأرض،كان قتيبة بن مسلم قد أكمل المسير لصين في فتوحاته الإسلامية فأتاه أمرالقاضي بالرجوع حينما رجع بعد مسيرة يومين متواصلة قالوا خاف الكهنة عندماعلموا بوصول قتيبة وأخذوا يتصببون عرقاً.
دخل قتيبةالمسجد وضع سيفه وخلع نعله... ثم أمتثل أمام القاضي قال له القاضي أجلس بجوار خصمك.
هنا بدأت المحكمة
فقام الكاهن وقال: قتيبة بن مسلم دخل بلادنا بدون إنذار كل البلادأعطاها إنذار وخيارات دعوة للإسلام أو الجزية أو الحرب....إلا نحن هجمعلينا بدون إنذار...
التفت القاضي للقائد الفاتح قتيبة بن مسلم ....ما تقول هذه شكوى عليك.
فقال قتيبة :أصلح الله شأن القاضي فالحرب خدعة …هذا بلد عظيم عقبة أمامناوكل الذين كانوا مثله كانوا يقاومون ولم يرضوا بالجزية .....ولم يرضوابالإسلام وهؤلاء لو قاتلناهم بعد الإنذار سيقتلون فينا أكثر مما نقتل فيهم ...
وبحمد الله بهذه المفاجأة حمينا المسلمين من أذى عظيم والتاريخ يشهد... تاريخ من قبلهم ولما فتحنا بلادهم العظيمة ما ورائهم كان سهل... نعمفاجأنهم لكن أنقذناهم وأدخلناهم الإسلام ....
فقال القاضي: يااا قتيبة! هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب؟؟ فرد قتيبة لا فاجأنهم لما حدثتك به من خطرهم....
فقال القاضي : يا قتيبة لقد أقررت ..وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ...يا قتيبة ما نصر الله هذه الأمة إلا بالدين ...واجتناب الغدر وإقامةالعدل والله ما خرجنا من بيوتنا إلا جهادا في سبيل الله...ما خرجنا لنملكالأرض ونحتل البلاد ونعلو فيها بغير حق...
ثم أصدر هذا القاضي حكمه: حكمت أن يخرج جيوش المسلمين جميعا من هذا البلدويردوه إلى أهله ويعطوهم الفرصة ليستعدوا للقتال، ثم يخيروهم بين الإسلامأو الجزية أو الحرب..فإن اختاروا الحرب كان القتال ...وأن يخرج جميعالمسلمين كافه من سمرقند خفافاً كما دخلوها ( أي بلا مكاسب تجاريه ) وتسلمالمدينةلأهلها، وذلك تطبيقا لشرع الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى اللهعليه وسلم.
بدأ المسلمون يخرجون من المدينة حتى القاضي قام وخرج من أمام الكهنة، لميصدقوا الكهنة هذا وأخذ أهل سمرقند ينظرون للمسلمين حتى خرجوا وخلتالمدينة من المسلمين... ثم قال الشاب للكهنة والله أن دينهم لهو الحق "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله".
ونطق الكهنة الشهادة ودخلوا الإسلام.
تلك هي قصة أعظم محاكمة عرفها التاريخ ....جعلت من أهالي سمرقند يرضوابحكم المسلمين عليهم ودخل الناس للإسلام أفواجا...حتى كبير كهنة الكنيسةدخل الإسلام.
و هذه كانت صفحة أخرى من صفحات تاريخنا الإسلامي الذي يبرهن في كل موقف على عدل الإسلام مع المسلمين ومع غير المسلمين.