كانت النشأة الحقيقية للمسرح المغربي ابان فترة الحماية حيث حدث التصادم بين الفكر الغربي و التقاليد المغربية .و قد جلبت الحاشية المستعمرة معها ما ترفه به عن نفسها ، و كانت العروض المسرحية التمثيلية في مقدمة هذه الأمور ، حيث نشأ مسرح للمستعمر ، و من خلاله تعرف المغربي على المسرح بشكله الفني و بدأ يتأثر بالمفاهيم الغربية للفن لا سيما المسرح و بالإضافة إلى رسالة الترفيه التي جاء بها المسرح الفرنسي ، فإن هناك رسالة ضمنية هامة هي تثبيت و توطين المحتل في المغرب أما التأثير الثاني للمسرح العربي في المغرب فقد كان من المشرق متمثلا في المسرح العربي في مصر ، حيث أنه في عام 1933م قدمت إلى المغرب فرقة مسرحية مصرية ، ساعدت بعروضها على الإسراع في عملية التأسيس للمسرح المغربي
و قد قامت هذه الفرقة بعرض لمسرحية ( صلاح الدين الأيوبي ) و عرضت كذلك مسرحية ( روميو و جولييت) وقد تلا هذه المرحلة مرحلة الاقتباس و التعريب و ظهور الرواد الحقيقيون المناضلون ضد الاستعمار من أمثال " محمد القري " و " المهدي المنيعي " اللذين أخذوا من خلال المسرح بمهاجمة المحتل و محاولة التعرض للمجتمع و إصلاحه ، فهم يخوضون حربا على جبهتين : داخلية و خارجية
و قد لجأت القوات المحتلة إلى القمع و السلاح لوقف نشاط المسرح المغربي ، و قد اتضح ذلك مع المسرحي محمد القري ، الذي دفع الثمن غالياً من حياته فكان بطلا في المسرح الصغير ، و كان بطلا ملحمياً في المسرح الكبير الذي هو الحياة
و في مرحلة لاحقة من مراحل التطور المسرحي المغربي ـ مرحلة ما بعد الاحتلال ـ أي بعد عام 1956م ، بدأ المسرح المغربي مرحلة تأكيد الذات و التأسيس الحقيقي حيث بدأت التجارب المسرحية تشهد تنوعا كميا و كيفيا ، و محاولات ساهمت في إنماء مشروع المسرح العربي في المغرب بالرغم من سلطوية النزعة الاستهلاكية على قطاع كبير من النشاط المسرحي و بالإمكان رصد أوجه النشاط المسرحي في المغرب خلال تلك الفترة على الشكل التالي:
ـ مسرح الإذاعة و التلفزيون
ـ مسرح الاحتراف
ـ مسرح الهواة
فأما المسرح الإذاعي و التلفزي فقد بدأ قبيل رحيل المستعمر من المغرب و ذلك في عام 1945م ، إذ قام كل من حميد بن ذكرى و محمد المريني بتقديم عدد من الروايات " الرشيد و البرامكة " و " طبيبا رغم أنفه " على ميكرفون الإذاعة
أما المسرح الاحترافي ، فيرتبط بأسماء ثلاثة هي : " الطيب الصديقي " و " الطيب العلج " و" عبد القادر البدوي " إذ كان لهؤلاء دور ملموس و كبير في
إنماء الحركة الاحترافية في المسرح المغربي