الجنس : عدد المساهمات : 1352 النقود : 3672 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 19/11/2000 تاريخ التسجيل : 29/10/2013 العمر : 23 الموقع : batna
موضوع: بحث حول حياة عثمان بن عفان بن أبي العاص ج2 السبت ديسمبر 20, 2014 5:45 pm
كان والي البصرة أول خلافة عثمان أبو موسى الأشعري فأقام فيها إلى السنة التاسعة والعشرين ثم عزله عثمان وولى بدله عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن عبد شمس وجمع له جند أبي موسى وجند عثمان بن أبي العاص الثقفي من عمان والبحرين
وفي عهده انتقض أهل فارس بأميرهم عبيد الله بن معمر فسار إليهم عبيد الله ولاقاهم على باب إصطخر فقتل وانهزم من معه ولما بلغ ذلك ابن عامر صار إليهم بجيش كثيف فقاتلهم قتالا شديدًا حتى هزمهم وفتح إصطخر عنوة وأتى دار ابجرد وقد غدر أهلها ففتحها وبلغه وهو هناك أن أهل اصطخر عادوا إلى غدرهم فرجع إليهم وفتحها ثالث مرة وقتل كثيرًا من وجوه أهلها ثم وطئ أهل فارس وطأة لم يزالوا منها في ذل
وفي عهده قتل يزدجرد ملك الفرس وهو آخر ملوكهم والأخبار مضطربة في كيفية قتله إلا أنهم اتفقوا على أنه قتل وحيدًا طريدًا لم يغن عنه هذا الملك الواسع شيئًا واتفقوا على أنه قتل بيد أعجمية وكان يتمنى إذا ذاك أن لو كان وقع في يد العرب المسلمين فإنهم كانوا يبقون عليه فيعيش منعمًا في ظل الإسلام الظليل ولكن أني له ذلك والشقاء متى غلب لا يرد؟
وفي السنة الحادية والثلاثين سار عبد الله بن عامر لفتح خراسان التي انتقض أهلها بعد موت عمر فلما وصل الطبسين ـ وهما بابا خراسان ـ تلقاه أهلها بالصلح فسار إلى قهستان فلقى أهلها وقاتلهم حتى ألجأهم إلى حصنهم ولما أقبل على المدينة طلب أهلها الصلح فصالحهم على ستمائة ألف درهم ثم قصد نيسابور فصالحه أهلها على ألف ألف درهم
ثم وجه الأحنف بن قيس إلى طخارستان ثم إلى مرو الروذ فلقيه جمع كثير من جموع المشركين فهزمهم ووجه الأقرع بن حابس التميمي إلى جمع من الفرس بالجوزجان ووصاه هو وقومه فقال يا بني تميم تحابوا وتباذلوا تصلح أموركم وابدؤوا بجهاد بطونكم وفروجكم يصلح لكم دينكم ولا تغلوا يسلم لكم جهادكم فسار القوم حتى لقوا الأعداء فهزموهم ثم فتح الأحنف الطالقان صلحا وسار إلى بلخ فصالحه أهلها على أربعمائة ألف درهم ثم سار إلى خوارزم فلم يتمكن من فتحها فعاد عنها
ثم رجع ابن عامر بعد أن فتح هذه البلاد العظيمة مرة ثانية فقيل له ما فتح الله على أحد مثل ما فتح عليك فارس وكرمان وسجستان وخراسان فقال لا جرم لأجعلن شكرى لله على ذلك أن أخرج معتمرًا من موقفي هذا فأحرم بعمرة من نيسابور
وبعد ثلاث سنين من إمارة ابن عامر بالبصرة بلغه أن رجلا نزل على حكيم بن جبلة العبدي وله آراء غير مقبولة فطلبه ابن عامر فسأله من أنت؟ فقال رجل من أهل الكتاب رغبت في الإسلام وفي جوارك فقال ما يبلغني ذلك اخرج عني فخرج حتى أتى الكوفة فأخرج منها فأتى الحجاز والشام فأخرج منهما فأتى مصر فعشش فيها ثم باض وفرخ وكان هذا الرجل هو عبد الله بن سبأ وابن السوداء وهى أمه كان يهوديًا ثم أظهر إسلامه مع ضمير خبيث وكانت له آراء فاسدة منها أنه كان يقول عجبت ممن يصدق برجوع المسيح ولا يصدق برجوع محمد وكان هذا ابتداء القول بالرجعة وكان يقول إن عليا وصى محمد وقد غصبه من ولى قبله حقه فالواجب على المسلمين أن يقوموا لإعادة الحق إلى أهله وقد تبع مذهبه كثير ممن طاشت أحلامهم فكان هذا من ضمن الأسباب التي أدت إلى شق عصا الطاعة وافتراق الأمة الإسلامية التي لا ينفعها إلا الاجتماع والاتحاد ولا يضرها إلا الافتراق والاختلاف
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر الفتن على أمته وكثيرًا ما كان يحذرهم منها لأن بأس الأمة متى انتقل من أعدائها إلى أنفسها ساءت حالها وفسد نظامها وصارت إلى الفوضى أقرب منها إلى الإصلاح
وقد ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كثير من الأحاديث في التحذير منها ولكن قدر مكان؛ استكمل الفتح للأمة واستكمل الملك ونزل العرب بالأمصار على حدود ما بينهم وبين الأمم من البصرة والكوفة والشام ومصر وكان المختصون بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهتدون بهديه وآدابه المهاجرين والأنصار من قريش وأهل الحجاز ومن ظفر بمثل ذلك من غيرهم وأما سائر العرب من بكر بن وائل وعبد القيس وسائر ربيعة والأزد وكندة وتميم وقضاعة وغيرهم فلم يكونوا من تلك الصحبة بمكان إلا قليلاً منهم وكان لهم في الفتوحات قدم فكان يرون ذلك لأنفسهم مع ما يدين به فضلاؤهم من تفضيل أهل السابقة من الصحابة ومعرفة حقهم وما كانوا فيه من الذهول والدهش لأمر النبوة ونزول الوحي وتنزل الملائكة
فلما انحسر ذلك الباب وتنوسى الحال بعض الشئ وذل العدو واستفحل الملك كانت عروق الجاهلية تنبض ووجدوا الرياسة عليهم للمهاجرين والأنصار من قريش وسواهم فأنفت نفوسهم ووافق ذلك أيام عثمان فكانوا يظهرون الطعن على ولاته بالأمصار والمؤاخذة لهم باللحظات والخطرات والتجني بسؤال الاستبدال منهم والعزل ويفيضون في النكير على عثمان
ثم قام الثوار بحصر أمير المؤمنين وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهود له بالجنة حصارًا شديدًا حتى منعوه الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل عثمان إلى على وطلحة والزبير فحضروا فأشرف عليهم فقال أيها الناس اجلسوا فجلس المسالم منهم والمحارب ثم قال يا أهل المدينة أستودعكم الله وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي ثم قال أنشدكم الله هل تعلمون أنكم عند مصاب عمر سألتم الله أن يختار لكم ويجمعكم على خيركم أتقولون أن الله لم يستجب لكم وهنتم عليه وأنت أهل حقه أم تقولون هان على الله دينه فلم يبال من ولى الدين يتفرق أهله يومئذ أم تقولون لم يكن أخذ عن مشورة وإنما كان مكابرة فوكل الله الأمة إذ عصته ولم يشاوروا في الإمارة أم تقولون إن الله لم يعلم عاقبة أمري وأنشدكم الله هل تعلمون أن لي من سابقة خير وقدم خير قدم الله لي بحق على كل من جاء من بعدي أن يعرفوا لي فضلها فمهلا لا تقتلوني فإنه لا يحل إلا قتل ثلاث رجل زنى بعد إحصان أو كفر بعد إيمان أو قتل نفسًا بغير حق فإنكم إذا قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لم يرفع الله عنكم الاختلاف أبدًا
فقال الثوار أما ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر ثم ولوك فإن كل ما صنع الله خير ولكن الله جعلك بلية ابتلى بها عبادة وأما ما ذكرت من قدمك وسبقك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كنت كذلك وكنت أهلاً للولاية ولكن أحدثت ما علمت ولا نترك إقامة الحق عليك خوف الفتنة عامًا قابلاً وأما قولك إنه لا يحل إلا قتل ثلاثة فإنا نجد في دين الله غير الثلاث الذي سميت؛ قتل من سعى في الأرض فسادًا وقتل من بغى ثم قاتل على بغيه وقتل من حال دون شئ من الحق ومنعه وقاتل دونه وقد بغيت ومنعت وحلت دونه وكابرت عليه ولم تقد من نفسك من ظلمت وقد تمسكت بالإمارة علينا فإن زعمت أنك لم تكابرنا عليها فإن الذين قاموا دونك ومنعوك منه إنما يقاتلون لتمسك بالإمارة فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك
فلم يجبهم عثمان ولزم داره وكان كثير من أهل المدينة أتوا حول داره ليذبوا عنه فأمرهم بالانصراف فانصرفوا إلا قليلاً منهم الحسن بن علي وابن عباس وابن الزبير ومحمد بن طلحة
وكان عثمان رضى الله عنه يكره جدًا أن يحدث قتال بالمدينة في زمنه فكان يتباعد عنه بقدر ما أمكنه حتى كان ينهي أهل بيته عن تجريد السلاح وكان يطاول الثوار ويكثر لهم من الخطب ويرسل إليهم على ابن أبي طالب المرة بعد المرة يعدهم بالرضوخ إلى مطالبهم وهم لا يزدجرون بل كلما سد عليهم بابًا من أبواب الفتن فتحوا غيره فمنعوا الماء عن خليفة المسلمين فجاءهم على بالغلس فقال يا أيها الناس إن الذي تفعلونه لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين فلا تقطعوا عنه الماء ولا المادة فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقى فقالوا لا والله ولا دمعة عين فانصرف
وجاءت أم المؤمنين حبيبة بنت أبي سفيان مشتملة على إداوة فضربوا وجه بغلتها فقالت إن وصايا بني أمية عند هذا الرجل فأحببت أن أسأله عنها لئلا تهلك أموال الأيتام والأرامل فقالوا كاذبة وقطعوا حبل بغلتها بالسيف فنفرت وكادت أم المؤمنين تسقط عنها فتلقاها الناس وذهبوا بها إلى بيتها
ثم أشرف عثمان على الناس بعد منع الماء عنه فقال أنشدكم الله هل تعلمون أتى اشتريت بئر رومة بمالي ليستعذب بها فجعلت رشائي فيها كرجل من المسلمين؟ قالوا نعم قال فلم تمنعوني أن أشرب حتى أفطر على ماء البحر؟ ثم قال أنشدكم الله هل تعلمون أني اشتريت أرض كذا فزودتها في المسجد؟ قالوا نعم قال فهل علمتم أن أحدًا منع فيه الصلاة من قبلي؟ ثم قال أنشدكم الله أتعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عني كذا وكذا الأشياء عددها في مآثره فأثرت مقالته في كثير منهم حتى قالوا مهلاً عن أمير المؤمنين فصرخ بهم شيطان هذه الفتنة لعله مكر به وبكم فازدادوا عتوًا
وخرجت أم المؤمنين عائشة حاجة وقد سئمت المقام بالمدينة مع هذه الفتن وطلبت من أخيها محمد بن أبي بكر أن يتبعها فأبى لأنه كان من المنحرفين عن عثمان فقال له حنظلة الكاتب تستتبعك أم المؤمنين ولا تتبعها ثم تتبع ذؤبان العرب إلى ما لا يحل وإن هذا الأمر إن صار إلى التغالب غلبك عليه بنو عبد مناف كتاب عثمان إلى المسلمين
وأمر عثمان عبد الله بن عباس أن يحج بالناس فقال قتال هؤلاء أحب إلى من الحج فعزم عليه إلا ما أطاع فخرج للحج وكتب معه كتابًا يعلم المسلمين أمره ونصه عن الطبري بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله عثمان أمير المؤمنين سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو
أما بعد فإني أذكركم بالله عز وجل الذي أنعم علينا وعليم بالإسلام وهداكم من الضلالة وأنقذكم من الكفر وأراكم البينات وأوسع عليكم من الرزق ونصركم على العدو وأسبغ عليكم نعمته فإن الله عز وجل يقول وقوله حق وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار [ إبراهيم 34 ] وقال عز وجل يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون102 واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون103ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون104ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم105 [ آل عمران 102 ـ 105 ]
وقال عز وجل وقوله الحق واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ سمعنا وأطعنا [ المائدة 7 ]
وقال وقوله الحق يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فبتينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين6واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينة في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون7فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم8 [ الحجرات 6 ـ 8 ]
وقال عز وجل إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب إليم [ آل عمران 77 ]
وقال وقوله الحق فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرًا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون [ التغابن 16 ]
وقال وقوله الحق ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون 91 ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون 92 ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون 93 ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم 94 ولا تشتروا بعهد الله ثمنًا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون 95 ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون [ النحل 91 ـ 96 ]
وقال وقوله الحق أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا [ النساء 59 ]
وقال وقوله الحق وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون [ النور 55 ]
وقال وقوله الحق إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرًا عظيما [ الفتح 10]
أما بعد فإن الله عز وجل رضي لكم السمع والطاعة والجماعة وحذركم المعصية والفرقة والاختلاف ونبأكم ما قد فعله الذين من قبلكم وتقدم إليكم فيه ليكون له الحجة عليكم إن عصيتموه فاقبلوا نصيحة الله عز وجل واحذروا عذابه فإنكم لن تجدوا أمة هلكت إلا من بعد أن تختلف إلا أن يكون لها رأس يجمعها ومتى ما تفعلوا ذلك لا تقيموا الصلاة جميعا وسلط عليكم عدوكم ويستحل بعضكم حرم بعض ومتى يفعل ذلك لا يقم لله سبحانه وتعالى دين وتكونوا شيعًا وقد قال الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون [ الأنعام 159]
وإني أوصيكم بما أوصاكم الله وأحذركم عذابه فإن شعيبًا صلى الله عليه وسلم قال لقومه ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد 89 واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود [هود 89 90]
أما بعد فإن أقوامًا ممن كان يقول في هذا الحديث أظهروا للناس أنما يدعون إلى كتاب الله عز وجل والحق ولا يريدون الدنيا ولا منازعة فيها فلما عرض عليهم الحق إذا الناس في ذلك شتى؛ منهم آخذ للحق ونازع عنه حتى يعطاه ومنهم تارك للحق ونازل عنه في الأمر يريد أن يبتزه بغير الحق طال عليهم عمري وراث عليهم أملهم الإمرة فاستعجلوا القدر وقد كتبوا إليكم أن قد رجعوا بالذي أعطيتهم ولا أعلم أني تركت من الذي عاهدتهم عليه شيئًا كانوا زعموا أنهم يطلبون الحدود فقلت أقيموها على من علمتم أنه تعداها أقيموها على من ظلمكم من قريب أو بعيد قالوا كتاب الله يتلي فقلت فليتله من تلاه غير غال فيه بغير ما أنزل الله في الكتاب وقالوا المحروم يرزق المال يوفى ليستن في السنة الحسنة ولا يعتدي في الخمس ولا في الصدقة ويؤمر ذو القوة والأمانة وترد مظالم الناس إلى أهلها فرضيت بذلك واصطبرت له وجئت نسوة النبي صلى الله عليه وسلم وآله حتى كلمتهن فقلت ما تأمرنني؟ فقلن تؤمر عمرو بن العاص وعبد الله بن قيس وتدع معاوية فإنما أمّره أمير قبلك فإنه مصلح لأرضه راض به جنده واردد عمرًا فإن جنده راضون به وأمر فليصلح أرضه فكل ذلك فعلت وإنه اعتدى عليّ بعد ذلك وعُدى على الحق
كتبت إليكم وأصحابي الذين زعموا في الأمر واستعجلوا القدر ومنعوا مني الصلاة وحالوا بيني وبين المسجد وابتزوا ما قدروا عليه بالمدينة كتبت إليكم كتابي هذا وهم يخبرونني بين ثلاث إما يقيدونني بكل رجل أصبته خطأ أو صوابًا غير متروك منه شيئًا وإما أعتزل الأمر فيؤمرون آخر غيري وإما يرسلون إلى من أطاعهم من الأجناد وأهل المدينة فيتبرؤون من الذي جعل الله سبحانه وتعالى لي عليهم من السمع والطاعة