بحث عن الآثار الاقتصادية لحوادث المرور على التنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية
الآثار الاقتصادية لحوادث المرور على
التنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية
إعــداد
د/ خلف بن سليمان بن صالح بن سليمان النمري
أستاذ التنمية الاقتصادية المشارك قسم الاقتصاد الإسلامي
– كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة أم القرى/
مكة المكرمة 1421هـ - 2001م
بسم الله الرحمن الرحيم ملخص البحث يتكون بحث الآثار الاقتصادية للحوادث المرورية على التنمية من خمسة مباحث، حيث خصص المبحث التمهيدي لدراسة مكونات وأسباب وأنواع الحوادث، كما تناولت المباحث الأربعة الأخرى الآثار الاقتصادية للحوادث المرورية على مقومات التنمية الاقتصادية، والناتج المحلي (الوطني) وأهداف التنمية الاقتصادية وحركة النشاط التجاري. واشتملت خاتمة البحث على نتائج وتوصيات واقتراحات، من أهمها أن البحث يهدف إلى بيان الآثار الاقتصادية وتوعية المجتمع بخطورتها؛ لأنها تعد عقبة كبيرة في وجه التنمية، وأن السرعة الزائدة وقع إشارة المرور الضوئية من أهم أسباب وقوع الحوادث المرورية ، وأن الفاقد من الموارد البشرية والموارد المالية والطبيعية والتي تمثل مقومات أساسية للتنمية كبيرة جداً ، بل أن الفاقد من الناتج الوطني يفوق الفاقد في الدول الكبرى مثل أمريكا وانجلترا واستراليا ، بل يتجاوز الضعف لهذه الدول، وهذا يعمل على عدم تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المنشودة ويعمل على تحريك تجارة الاستيراد مما يزيد في التحويلات النقدية إلى خارج البلد. ومن المقترحات التي تعمل على تخفيف حدة هذه الآثار العمل على تطبيق نظام المرور والعقوبات بحزم وجد دون هوادة وعمل كافة السبل لمنع الشفعاء والوسطاء من الشفاعة لدى رجال المرور والأمن ، كما يمكن تطبيق عقوبات حجز السيارات وتوقيف المتسببين في الحوادث والمخالفات المرورية فترة أطول مما هو محدد حالياً ، وسحب رخصة القيادة وتطبيق ذلك على الوسطاء أيضاً . الباحث المقدمـــة : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين. لقد كفلت الشريعة الإسلامية للإنسان حقوقه وعملت على حفظها من خلال حفظ الكليات الخمس (الدين ، والنفس ، والعقل ، والعرض ، والمال ) التي تحققت بها مقاصد الشريعة ، وذلك بجلب المصالح والمنافع ، ودرء المفاسد والشرور ، وقد أعطت الشريعة الإسلامية صلاحية واسعة للحاكم والدولة وفق الضوابط العامة التي تعمل على حفظ تلك الكليات ، بوضع النظم والإجراءات التي تحقق تلك المصالح والغايات الشرعية ، وتمنع المفاسد والشرور ، ومن ذلك حفظ الأمن للأفراد والمجتمع ، ومنع الحوادث أو الوقاية منها والعناية بسلامة المرور على الطرقات حفظاً للإنسان والممتلكات. ولقد اعتنت كثير من دول العالم بوضع القوانين والتنظيمات المرورية للتخفيف من حدة الحوادث المرورية التي أصبحت من أبرز المشكلات التي تعاني منها المجتمعات المتقدمة والمتخلفة على حد سواء ، لما لها من آثار اقتصادية واجتماعية على المجتمع . تأخذ مكان الصدارة بين الحوادث المختلفة. ويعتبرها البعض مرضاً فتاكاً لما له من آثار مفجعة ومستمرة آخذة في الازدياد. (وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن العالم يفقد حوالي 700 ألف نسمة سنوياً بالإضافة إلى ما يقارب 15 مليون من الإصابات).( ) كما أن الآثار الناتجة عن حوادث السيارات تشمل الفرد والأسرة والمجتمع بأسره، وهيكله الاقتصادي والاجتماعي ، نظراً لما تخلفه من حالة الإعالة وإعاقات للمصابين ، وتعطيل عن العمل ، وتكاليف مالية لعلاج الضحايا المصابين وإصلاح التلفيات في الطرق والمرافق والمركبات ، وزيادة في الطلب للاستيراد من قطع الغيار كأثر عكسي في تنشيط التجارة في هذا المجال. والمملكة العربية السعودية لم تخلوا من هذه المشكلة وخاصة بعد أن شهدت خلال العقود الثالثة الماضية ازدهاراً اقتصادياً وتنمية شملت كافة القطاعات. ولقد كان اهتمام الحكومة في هذا البلد منصباً على الإنسان وحفظ الأمن له والسلامة للأموال والممتلكات وضبط المرور في الطرقات ، وتأمين المسافرين والمقيمين على حد سواء ، وقد تمثل ذلك فيما تحقق من تقدم في قطاع النقل والمواصلات ، حيث تعتبر الطرق ركيزة أساسية من ركائز التنمية في المملكة . كما أن ارتفاع دخل المواطن أدى إلى زيادة القوة الشرائية وزيادة الطلب على السيارات مما أدى إلى زيادة حركة المرور بين المدن بالمركبات التي تعتبر وسيلة رئيسية في التنقل والسفر إضافة إلى أنها أقل تكلفة من وسائل السفر الأخرى. وكانت لهذه الزيادة آثاراً سلبية على التنمية والمجتمع ، نفسية واجتماعية واقتصادية، تمثل عائقاً كبيراً لخطط التنمية الاقتصادية لما تستنزفه من طاقات بشرية ، وقدرات مالية، وتدمير للبنية الأساسية وتلويث للبيئة. ويهدف هذا البحث إلى دراسة تلك الآثار الاقتصادية لحوادث المرور على التنمية في المملكة العربية السعودية التي تؤثر على الموارد الاقتصادية بمختلف أشكالها بشرية كانت أم مالية أم طبيعية والمساهمة في توعية المجتمع بخطورة ما تخلفه حوادث السير من آثار اقتصادية على المجتمع. أما الآثار غير الاقتصادية كالآثار الاجتماعية والنفسية التي تخلفها حوادث المرور على المجتمع وإن كانت هامة جداً ، وقد تأتي في الدرجة الأولى فيمكن للمتخصصين في المجال الاجتماعي ا لتوسع في هذا المجال ودراسته. وتأتي أهمية هذه الدراسة لسببين رئيسيين هما : 1- أن الآثار الاقتصادية التي تخلفها الحوادث المروية تمثل عقبة كبرى أمام التنمية الاقتصادية ، وخاصة في البلدان النامية حيث تكبد المجتمع خسائر كبيرة في الموارد البشرية ، والمالية والطبيعية ، كان يمكن استغلالها في مجالات التنمية التي تحقق المنفعة والقوة الاقتصادية للبلد. 2- أن الآثار الاقتصادية التي تخلفها الحوادث المروية لم تلقى اهتماماً كبيراً من الدارسين والبحث العلمي وخاصة خلال الندوات والمحاضرات والبحوث التي تناولت حوادث المرور في دراسة مستقلة سوى أنه تمت الإشارة إليها بشكل مختصر في دراستين قدمتا للمؤتمر الأول للسلامة المرورية.( ) فالدراسة الأولى تناولت الآثار الاقتصادية لحوادث المرور في المحور الرابع من البحث في صفحة واحدة وربع الصفحة بشكل عام. ( ) أما الدراسة الثانية فقد تناولت الأسباب والآثار لحوادث المرور في المملكة وخصصت للآثار الاقتصادية لحوادث المرور صفحتين ونصف الصفحة ولم تأتي هذه الدراسة على جميع الآثار الاقتصادية.( ) ولم أطلع على دراسة اقتصادية متخصصة عن هذا الموضوع بشكل منفرد. أما دراستنا هذه فقد تم تقسيمها على النحو التالي : المقدمة. وقد تناول الباحث فيها هدف البحث وأهميته. المبحث الأول التمهيدي : حوادث المرور (مكوناتها ، أسبابها ، أنواعها). المبحث الثاني : أثر حوادث المرور على مقومات التنمية الاقتصادية. المبحث الثالث : أثر حوادث المرور على الناتج المحلي ( الوطني ). المبحث الرابع : أثر حوادث المرور على أهداف التنمية الاقتصادية. المبحث الخامس : أثر حوادث المرور على النشاط التجاري. الخاتمة : وقد اشتملت على نتائج للبحث وتوصيات واقتراحات. أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا البحث مساهمة فعالة في توعية أبناء المجتمع السعودي لأهم الأخطار الناتجة عن الحوادث المرورية ، وأن يحفظهم الله من تلك الأخطار ويقيهم من آثارها السيئة إنه سبحانه على كل شيء قدير. الباحث المبحث الأول تمهيدي الحوادث المرورية (مكوناتها، أسبابها ، أنواعها) أولاً: المفهوم الاقتصادي للحادث المروري : الحادث المروري : ورد في نظام المرور بالمملكة العربية السعودية أن حوادث المرور هي (جميع الحوادث التي ينتج عنها أضرار مادية أو جسمية من جراء استعمال المركبة ). وقيل الحوادث المرورية هي ( جميع الحوادث التي ينتج عنها إزهاق للأرواح أو إصابات في الأجسام أو خسائر في الأموال أو جميع ذلك من جراء استعمال المركبة ) إذا الحادث هو استعمال المركبة بشكل غير طبيعي ينتج عنه خسارة. وهناك تعريفات متعددة لا يتسع المقام لذكرها وخاصة أنه لا يوجد اختلاف في نتائج الحادث المروري والتي لا تخرج عن العناصر التالية : أ- إزهاق الأرواح . ب- إصابة الأجسام . جـ- خسائر في الأموال . ومن هذه العناصر نستنتج المفهوم الاقتصادي للحادث المروري كما يلي: 1- أن إزهاق الأرواح ، وإصابة الأجسام تتعلقان بالإنسان وهو المورد البشري الهام ، والذي عملت الشريعة الإسلامية على المحافظة عليه ضمن مقاصدها الأساسية وهي من الكليات الخمس ( الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسل والمال ) فإنها تراعي في حفظها من الناحيتين الإيجابية والسلبية. 2- الخسائر في الأموال ، تتعلق بالموارد الاقتصادية الأخرى والتي تشمل الموارد الطبيعية ، والمالية عينية كانت أم نقدية . والموارد البشرية والمالية والطبيعية هي مقومات أساسية للتنمية الاقتصادية حيث بدونها مجتمعة لا يمكن أن تكون هناك تنمية ولا اقتصاد . كما أن من مبادئ الاقتصاد الإسلامي المحافظة على هذه الموارد وعدم هدرها ، والعمل على استغلالها واستثمارها بما يعود على المجتمع بالنفع والخير. ثانياً: المكونات الاقتصادية للحادث المروري : يتكون الحادث المروري من ثلاثة عناصر أساسية هي : 1- العنصر البشري : وهو المحور الرئيسي الذي تدور حوله أكثر العوامل المسببة للحادث المروري . فقد دلت الإحصاءات على أنه يمثل تقريباً 85% من أسباب الحوادث . 2- ويشمل هذا العنصر كل من السائق ، الراكب ، المشاة . وهذه موارد بشرية هامة . 3- الطريق : وهو المكان الذي أعد لسير المركبات ووسائط النقل الأخرى، وقد يسير فيه المشاة والحيوانات. وتتنوع الطرق من طرق خاصة وطرق عامة ، وأخرى محلية ، ودولية ، ورئيسية ، وفرعية ، وسريعة ، وعلوية ، وطرق الأنفاق.( ) وللطريق مكوناته الطبيعية ، وله هندسته الخاصة ، وإشاراته ، ويتأثر بعوامل الطبيعة ، كما يكون سبباً من أسباب وقوع الحادث ، وهو يتأثر بالحادث الذي يقع فيه ، وهو رأسمال اجتماعي. 3- المركبة : وهي العنصر الثالث من مكونات الحادث المروري ، وقد عرفها نظام المرور بأنها (وسيلة نقل أو جر آلية أو حيوانية ).( ) وقيل هي ( وسيلة ذات عجلات تسير بقوة الآلة أو الكهرباء أو الحيوان على الطرق ).( ) وهذا المعنى يشمل السيارات والجرارات والمقطورات والدراجات والشاحنات وهذه رأسمال سواء كان عاماً أو خاصاً. إن المكونات الاقتصادية للحادث المروري والمتمثلة في الموارد البشرية ، والموارد الرأسمالية لها تأثيرها على الموارد الطبيعية التي يقع عليها الحادث المروري للأسباب التي سيتم ذكرها لاحقاً. ثالثاً : أسباب الحوادث المرورية : تتنوع أسباب الحوادث المرورية إلى عدة مجموعات تعود في الغالب إلى المكونات الاقتصادية للحادث. أ- وهي مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها السائقين أو الركاب ، أو المشاة ، وتتمثل في الآتي ) 1- السرعة الزائدة ) وقد بلغت نسبة الحوادث التي وقعت بسببها 44.5% خلال الفترة من 1404هـ / 1416هـ. 2- عدم احترام النظام المروري : مثل قطع إشارة المرور في التقاطعات والتي تأتي في المرتبة الثانية حيث بلغت نسبة الحوادث من هذه المخالفة 14.6% خلال نفس الفترة السابقة. ويضاف إلى ذلك التجاوز الخاطئ ، والدواران الخاطئ ، والتوقف في الأماكن الممنوعة. 3- الجهل بالأنظمة المرورية وضعف مستوى التعليم والمهارات القيادية للسيارات لدى السائقين : ويحدث هذا لكثير من المســتقدمين من خارج المملكة الذين لم يتدربوا على القيادة بشكل جيد. 4- الحالات الصحية واختلال عقل بعض السائقين : بسبب تعاطي المخدرات والمفترات والمسكرات وهذه تتسبب في وقوع حوادث كثيرة ، وهي من الأسباب المباشرة لوقوع الحوادث. جميع الأسباب السابقة تختص السائق للمركبة ، إلا أن هناك أخطاء بشرية يرتكبها المشاة عند قطع الطريق أو المشي في الطرق المخصصة للسيارات ، أو لعب الأطفال وبعض الشباب في الطرق المخصصة للسيارات أو بالقرب منها ، أو تحميل عدد زائد عن طاقة السيارة من الركاب مما يؤدي إلى مضايقة السائق في المقعد الأمامي وغير ذلك من الأسباب البشرية التي تعيق انتباه السائق للطريق. ب- أسباب تتعلق بوسائل السلامة في المركبة : المركبات في الغالب تكون معدة للسير وهي قابلة للهلاك من جراء الاستعمال، وبهذا لا بد من عمل صيانة لمحركاتها وإطاراتها وتفقد حالتها العامة قبل السير بها ويكون ذلك بشكل مستمر ، فكم من حادث كان بسبب نقص في هواء الإطارات ، أو وجود آلة حادة علقت بها أثناء السير ، أو نقص في السوائل البترولية ، أو غير ذلك مما ينتج عنه وقوع انقلاب أو خروج عن الطريق أو اصطدام مع الغير لعدم القدرة والسيطرة على المركبة ، أو نتيجة تلف بعض الأسلاك الكهربائية مما ينتج عنه حريق بالسيارة. أما أكثر السيارات التي تقع منها الحوادث فهي السيارات الصغيرة الخاصة ، ثم تليها سيارات النقل ، ثم الحافلات ، ثم سيارات الأجرة.( ) ومن حيث نوعية الصناعة ، فإن السيارات اليابانية تمثل 60 % تقريباً ، منها 23% ماركة تايوتا ، و 17%مازدا ، و14% داتسون ، والباقي سيارات أخرى. وإن أكثر السيارات اليابانية المتورطة في الحوادث تلك التي يتراوح عمرها بين 4 ،5 سنوات لذا يجب العناية بصيانة المركبات بشكل منتظم في كل عام .( ) جـ – أسباب تتعلق بالطريق والبيئة المحيطة به : وذلك مثل وجود حفريات أو انكسار أو منعطفات غير آمنة ، أو وجود مواشي وحيوانات سائبة وخاصة في الطرقات التي تمر بالمناطق الرعوية أو الزراعية وتشير الإحصائيات إلى أنه قد بلغ مجموع الحوادث المرورية التي وقعت بسبب الحيوانات على مستوى المملكة منذ عام 1398 هـ وحتى عام 1417 هـ 7883 حادثاً.( ) وهناك أسباب مناخية مثل ارتفاع درجة الحرارة بشكل يؤثر على إطارات السيارة أو وجود ضباب كثيف في المرتفعات أو أمطار أو عواصف مطرية تنعدم معها الرؤية . وكذلك التصميم الهندسي لبعض الطرق وخاصة الطرق الزراعية التي صممت لتخدم القرى والمناطق الزراعية وأصبحت تستخدم للنقل العام البري وطرق يسلكها السياح والزوار إلى المناطق المقدسة وأماكن السياحة والاصطياف حيث يتنقلون من منطقة إلى أخرى مما يجعلها لا تستوعب الحركة المرورية الكثيفة عليها وخاصة في فترات المواسم الدينية والإجازات. د– أسباب اقتصادية: يضاف إلى تلك الأسباب المتعلقة بمكونات الحادث وجود عوامل اقتصادية ساهمت في ازدياد حجم المشكلة من أهم تلك العوامل مايلي ) 1- التطور السريع الذي شهدته شبكات الطرق بين المدن حيث ارتبطت بعضها بطرق سريعة تساعد على زيادة الحركة للمركبات والتنقلات من منطقة إلى أخرى مع بقاء بعض الطرق الحيوية دون توسع مما جعلها لا تستوعب الكثافة المرورية التي تضخها الطرق السريعة إضافة إلى الكثافة السكانية حول هذه الطرق الضيقة التي تزداد عليها الحوادث المرورية . وقد بلغ مجموع أطول الطرق المعبدة حتى نهاية عام 1416 هـ (42700كم) ، كما بلغ مجموع أطول الطرق الزراعية والترابية حتى نهاية عام 1418 هـ (104644كم).( ) 2- الزيادة في أعداد السيارات واستخدامها كوسيلة رئيسية في التنقل ، نتيجة لارتفاع دخل المواطن وقدرته على امتلاك أكثر من سيارة وكذلك سهولة عمليات البيع والشراء بنظام البيع والتأجير بالأجل . وقد بلغ عدد السيارات المسجلة في مناطق المملكة حتى نهايــة سنة 1418 هـ أكثر من 7 مليون ســيارة.( ) 3- زيادة الحركة التجارية بين موانئ المملكة والمدن في المناطق الداخلية وانتعاش حركة التسويق مما أدى إلى زيادة عدد خدمات النقل البري نتيجة للتطور الاقتصادي في كافة القطاعات الاقتصادية ، إضافة إلى زيادة الحركة التجارية بين المملكة والبلدان المجاورة وخاصة من عمليات إعادة التصدير إلى دول مجلس التعاون الخليجي واليمن. 4- ارتفاع دخل المواطن السعودي وزيادة عدد المؤسسات والشركات التجارية مما أدى إلى زيادة عدد العاملين وكثرة أعداد السائقين لدى الأسر والمؤسسات بالمملكة حيث يجهل الكثير من هؤلاء العاملين الأنظمة والعادات الاجتماعية في البلد مما يساعد على ارتكابهم للمخالفات المرورية دون مبالاة. رابعاً: أنواع المخالفات المرورية : تتنوع الحوادث المرورية لعدة اعتبارات . فمنها حوادث التصادم بين سيارتين أو أكثر أو مع جسم ثابت أو متحرك على الطريق ومنها حوادث دهس المشـــاة أو للحيوانات أو حريــــق أو انقلاب أو خروج عن الطريق وفقد السيطرة ،( ) ويوضح الجدول رقم (1) أهم أنواع الحوادث المرورية التي وقعت خلال الفترة الماضية في بعض السنوات. جدول رقم (1) أنواع الحوادث المرورية في المملكة العربية السعودية العام نوع الحادث 1413هـ 1414هـ 1415هـ 1416هـ 1417هـ النسبة تصادم بين سيارتين 64621 98314 97939 99824 109730 80.8% صدم جسم على الطريق 13906 16519 15346 12502 15197 11% فقد السيطرة على المركبة 5938 8728 7636 5679 8440 6% أخرى 812 1763 7284 1235 2396 2.2% # المصدر : الإدارة العامة للمرور ، النشرة الإحصائية لعام 1417هـ. وتشير الإحصاءات المرورية إلى أن حوادث التصادم بين السيارات تمثل نسبة 80.8% من إجمال الحوادث التي وقعت ، يليها حوادث التصادم مع جسم على الطريق وتمثل نسبة 11% ثم حوادث فقد السيطرة على المركبات والتي تشمل انقلاب أو خروج المركبة عن الطريق وتمثل 6% والباقي حوادث أخرى متنوعة ،( ) كما هو موضح بالجدول رقم (1). المبحث الثاني أثر الحوادث المرورية على مقومات التنمية الاقتصادية مما لا شك فيه أن الموارد الاقتصادية التي تقوم عليها التنمية الاقتصادية في أي مجتمع تعتبر ركيزة من ركائز التنمية الشاملة ، وإذا تعرضت للتلف أو الهدر أو التبذير في إنفاقها واستغلالها فإن ذلك يحدث عجزاً فيها مما يجعلها لا تفي بمتطلبات التنمية ومقومات التنمية الاقتصادية بمختلف أنواعها بشرية كانت أم طبيعية أم مالية تؤثر فيها الحوادث المرورية تأثيراً واضحاً وتعمل على إنقاصها أو إتلافها. والأمن الاقتصادي لا يتحقق إلا إذا تحققت الحماية لهذه الموارد وذلك بالمحافظة عليها وعدم تبذيرها وعدم استغلالها بشكل سيئ ، والسلامة المرورية أو الوعي الثقافي المروري يهدف إلى المحافظة على هذه الموارد لكي يتم الانتفاع منها. وسنتناول بيان تأثير الحوادث المرورية على الموارد الاقتصادية على النحو التالي : أولاً : الحوادث والموارد البشرية : لقد أثبتت الدراسات أن حوادث المرور ترجع للإنسان في المقام الأول وبنسبة تتراوح ما بين 85-90%. وكثير منها ينشأ عن العلاقة بين زيادة السكان والدخل من جهة ، وزيادة عدد السيارات وحوادثها من جهة أخرى . وتوضح الأرقام في المملكة العربية السعودية خلال الفترة 1391 – 1400هـ أن معدل الزيادة السكانية بلغ 44% والدخل القومي 106% ، وعدد السيارات 1327% ، والزيادة في عدد الحوادث 358%.( ) وعن تطور عدد المصابين في هذه الحوادث فقد وصل 23526مصاباً عاما 1410هـ مقابل 15272 مصاباً عام 1401هـ بزيادة تصل إلى 54% خلال الفترة 1395-1400هـ.( ) كما وصل عدد المصابين في عام 1415هـ إلى (31033) . أما عدد المتوفين في الحوادث المرورية فقد ارتفع من (1594 ) متوفي عام 1395هـ إلى (2731) متوفي عام 1400هـ اسـتمرت هذه النســبة في الزيادة إلى (3276) متوفي عام 1405هـ ثم انخفضت إلى (2697) متوفي عام 1410هـ.( ) ثم ارتفعت في عام 1415هـ إلى (3789) متوفي كما هو واضح من الجدول رقم (2). إن نسبة المتوفين في حوادث المرور بالمملكة حوالي 25% لكل مائة ألف شخص ، أما نسبة المصابين فتقدر بحوالي 20% لكل مائة ألف لعام 1410هـ بافتراض أن حجم السكان بالمملكة في هذا العام 12 مليون نسمة ، وتمثل حوادث المرور السبب الرئيسي الثاني في الوفيات ، بعد الأمراض المعدية في المملكة.( ) وإذا افترضنا أن المتوفي في حادث مروري كان يعول أسرة مكونة من خمسة أفراد لأصبح هناك (13485) شخصاً دون عائل في عام واحد ، أي حوالي (134850) شخصاً في عشر سنوات.( ) وتشير الإحصاءات إلى أنه منذ عام 1971م وحتى نهاية عام 1994م أن ضحايا حوادث المرور في المملكة أكثر من نصف مليون ضحية (507.318) وهو ما يقارب 3.5% من سكان المملكة ، وأن نسبة المتوفين منهم 12%.( ) إن الآثار الاقتصادية الناجمة عن الحوادث المرورية لا تتوقف عند فقد الطاقة البشرية، بل تزداد بزيادة عدد المصابين. فكثيراً ما تترك الإصابة في حوادث المرور عاهات مستديمة تعيق الفرد عن أداء العمل والمساهمة في الإنتاج ، ومن ثم ترتفع نسبة الإعالة ، ويزداد فقد الطاقات الإنتاجية ،