أخي الكريم
إقرا وتمعن
جعلني الله واياك من الذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم .
التحذير من الزنا وآثاره في الدنيا والآخرة
اعلم وفقنا الله واياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن الله جل وعلا من حكمته ورحمته ركب في الأنسان شهوة الفرج تركيباً قوياً وجعل لها عليه سلطةً شديدةً فإذا هاجت كانت أشد الشهوات عصياناً على العقل فلا تقبل منه صرفاً ولا عدلاً فمن لم يجعله الله قوي الإرادة شجاعاً انقاد لها صاغراً وأطاعها ذليلاً ولولا قوة هذه الشهوة التي جعلها الله ، وشدة سلطانها على الأنسان ، لأبى أن يحتمل ما يترتب عليها من مشاق البيتوتة وتكاليف الزوجية وتربية الأولاد والكد والتعب من أجلهم والرضى بالآلام التي تنتابه إذا مرضوا أو أصيبوا بمكروه .
فخلق الله هذه الشهوة من القوة من أوضح الدلالة على قدرة الخالق وكمال علمه وخبرته وجليل حكمته فإن الإنسان مسوق الى التناسل رغم أنفه ومسخر على احتمال كل ما يترتب عليه من النصب ومع ذلك فهو راض كل الرضا .
وكذلك المرأة لولا ما جعل الله فيها من هذه الشهوة القوية ما كانت تستطيع حمل عبء الولادة والحمل ومشاق تربية الأولاد وهم صغار والسهر في الليالي والقيام على حراستهم ودفع الأضرار المكروهة عنهم وهم أطفال صغار واحتمال ما يعتريهم من الآلام وعدم الراحة وأيضاً فإن الله قد خلق النساء على حالة من الضعف لا يقدرن معها على احتمال تكاليف الحياة ومشاق الجهاد في معتركها .
فسخر الله لهن الرجال يحملون عنهن كل ما يعجزن عن احتماله في سبيل حياتهن بدافع هذه الشهوة القوية التي
أودعها العزيز الحكيم جل وعلا ، ولولاها لما كان للنساء هذا السلطان على النفوس .
وإذا علمت ذلك من أن شهوة الفرج لها من القوة والتأثير هذه المكانة وأنها خلقت لحكمةٍ ارادها الله فاعلم أن العقل مسئول عن تصريف هذه الشهوة ، والوقوف معها عند الحد الذي خلقت من أجله ولا يتركها تهيج بالوسائل المختلفة بل يجب عليه أن يبعدها عن كل المناظر والأسباب التي تحركها وتبعثها إلى ما هو ممنوع شرعاً ، والأسباب التي تثير هذه الشهوة وتهيجها ، منها النظر والخلوة بالأجنبية ، وحديث النفس .
وشر مضار شهوة الفرج الزنا فالزنا من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل وهو فاحشةٌ مهلكةٌ وجريمةٌ موبقةٌ وفسادٌ لاتقف جرائمه عند حد لاتنتهي آثاره ونتائجه إلى غايةٍ وهو ضلال في الدين وفساد في الأخلاق وانتهاك للحرمات والأعراض واستهتار بالشرف والمروءة ، وداعيةٌ للبغضاء والعداوة .
الأدلة على تحريم الزنا
قال الله تعالى ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً ) وقال تعالى ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ً ) .
ومن السنة ماورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) الحديث رواه البخاري ومسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا ظهر الزنا والربا في قوم ، فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله ) رواه الحاكم وقال صحيح الأسناد .
وعن أبي أمامة أن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله ائذن لي في الزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا : مه مه ؟ فقال ( أدنه ) فدنا منه قريباً ، فقال ( اجلس ) فجلس ، فقال ( أتحبه لأمك ؟ ) قال : لا والله جعلني الله فداك . قال ( ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ) قال ( أفتحبه لإبنتك ؟ ) قال : لا والله يارسول الله جعلني الله فداك . قال ولا الناس يحبونه لبناتهم . قال ( أفتحبه لأختك ؟ ) قال : لا والله جعلني الله فداك . قال (ولا الناس يحبونه لأخواتهم ) قال ( أفتحبه لعمتك ؟ ) قال : لا والله جعلني الله فداك . قال ( ولا الناس يحبونه لعماتهم ) قال ( أفتحبه لخالتك ؟ ) قال لا والله قال ( ولا الناس يحبونه لخالاتهم ) قال . فوضع يده عليه ، وقال ( اللهم اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وحصن فرجه ) قال : فلم يكن بعد ذلك يلتفت الى شيء ، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفةٍ وضعها رجل في رحم لا يحل له )
مضار الزنا
ومن مضار الزنا وآثاره السيئة في المجتمع الإنساني ضياع النسل والجناية عليه فالزاني والزانية لو أدركا ما قد يترتب على زنيتهما التي تنقضي على الفور من الآثام والشرور لهان عليهما أن يفنيا من الوجود ولا يرتكبا تلك الجريمة الشنعاء فقد يترتب على عملهما وجود ولد قد تخنقه تلك الفاسقة في مهده وقد تسقطه جنيناً .
وقد تلده انساناً كاملاً ثم تطرحه في شارع أو مسجد أو نحو ذلك معرضاً لمحن الحياة ومصائب الليالي والأيام لا يعرف له أماً تحنو عليه ولا أبا يرحم طفولته ، ويحفل بتربيته ، وقد يؤول الى حضانة إنسان غير مستقيم فيربيه على غير دين الاسلام أو على أخلاق فاسدة فينشأ عضواً ضاراً بالمجتمع الانساني وذلك بلاء عظيم وضرر مبين .
ولو قيل لهذا المجرم الفاسق الزاني هل ترضى عملك أن يعمل ببناتك وأخواتك وزوجاتك لبطش بالقائل إن كان ضعيفاً يقدر على الأنتقام منه ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) رواه البخاري فما أبعد هذا المعتدي عن العمل بهذا الحديث .
ومن مضار الزنا أنه إضاعة للمال الذي نهي عن إضاعته ، ومن مضاره إختلاط الأنساب وإفساد الأخلاق وأنه يفضي الى فناء الأمة وأنه يدعو الى الشقاق والفساد وأنه يوقع في الأمراض وينشرها ومن آثاره السيئة أنه يصرف القلب عن صحته واستقامته الى مرضه وانحرافه ، ومن ذلك أنه يعمي القلب ويطمس نوره وأنه يحقر النفس ويقمعها وأنه يسقط كرامة الإنسان عند الله وعند خلقه وأنه يؤثر في نقصان العقل وأنه يمحق بركة العمر وأنه يضعف في القلب تعظيم الله ، ومثله سائر المعاصي ، نسأل الله العفو والمعافاة من ذلك كله .
أسباب وقوع الزنا
ومن الأسباب التي ربما تكون سبباً الى الوقوع في هذه المعصية خروج النساء الى الأسواق متبرجات لسان حالهن يدعو إليهن الفسقة فخروجهن في هذا الزمان الى الأسواق خطر عليهن من أكبر الأخطار فقَل أن تسلم المرأة من التعرض لها إذا خرجت قولاً أو فعلاً وقد يكون معها أبوها أو أخوها ولا تسلم من الأعتداء.
ومن الأسباب دخول الأجانب على المرأة فإن الأجنبي إذا وقعت عينه على المرأة فأعجبته أو أعجبها كان وراء ذلك الأمور التي تخشى عواقبها وأخطر الأجانب على المرأة أقارب زوجها وأقارب أبويها فأنهم يترددون غالباً وربما كان يجمعهم بيت واحد وتارة تكون وحدها في البيت عند دخول أحدهم ، وفي ظل ذلك التردد والتزاور والأجتماع يكون ما يكون مع الدوام والأستمرار.
ومن الأسباب تأخير من بلغ من الشابات والشبان فأنه بمجرد بلوغه تهيج عليه الشهوة هيجان النيران فإذا لم يكن بجانبه حلال يطفئ ذلك الهيجان ربما أطفأه بما يعقب له العار في الدنيا ويعقبه في الآخرة إن لم يتب النار .
ومن الأسباب سفر كثير من الشباب الى بلاد الغربة للعمل او للدراسة ونحوها فيجدون أنفسهم في عزلة بعيدين عن رقابة الأهل ومع بعدهم عن خالقهم وسيرهم في طريق الضلالة تسول لهم أنفسهم فيقعون في الزنا .
وللأسف فأن جامعاتنا اليوم تعتبر بيئة مناسبة للألتقاء بين الشباب والفتيات والتعلق ببعضهم البعض وربما مع الوقت و ضعف الوازع الديني ضعفت نفس الشاب او الفتاة وثارت شهوته وشهوتها فوقع الزنا نسأل الله العفو والمعافاة من ذلك كله .
اللهم وفقنا للتوبة النصوح ، واجعلنا ممن يغدو مشمراً في طاعتك ويروح ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
[/size]
موارد الظمآن لدروس الزمان – عبدالعزيز السلمان