بحث حول الأثر العلمي والتكنولوجي
بحث حول الأثر العلمي والتكنولوجي
الأثر العلمي والتكنولوجي
1. الأثر العلمي
ثورة الاتصالات، التي يعيشها العالم اليوم، هي نتاج مباشر للتقدم: العلمي والتكنولوجي، الذي شهده العالم خلال القرن العشرين؛ وكان له تأثيرات بالغة في كلّ مجالات الحياة البشرية. وثورة الاتصالات، تمخض بها التطور: العلمي والتكنولوجي، كانت محركاً ودافعاً قوياً لمجالات عديدة: تكنولوجية وعلمية؛ فتلك الثورة وذلك التقديم، قد تأثر لكٌّ منهما بالآخر.
ومن آثار ثورة الاتصالات، أن الدورة الزمنية للتطور التقني، أصبحت قصيرة جداً؛ حتى إن كتاباً في التقدم التقني، يصبح مضمونه متأخر، قبل أن يُشرع في طباعته. وينطبق هذا على العديد من المنتجات التقنية الحديثة، التي تتراجع مبيعاتها سريعاً، لدى ظهور الأجيال الأحدث منها، وسريعاً ما ينخفض سعرها؛ ما لا يمكن إهمال دوره في الاقتصاد: الوطني والدولي، إذ أضفى أبعاداً جديدة للتخطيط والتنفيذ، على المديَين: القصير والطويل.
وقد تأثر التعليم بثورة الاتصالات، حتى استمت بها ملامحه كافة؛ وتمثل تأثيرها البالغ في ظهور التعليم من بعد Tele-education وتطوره. ويكاد التعليم والتدريب، يكونان مقياس قابلية الدول للتنمية: البشرية والاقتصادية. فقد نصت الفقرة السادسة عشرة، من خطة عمل مؤتمر قمة العمل الاجتماعي العالمي، عام 1995، على "تقوية نُظُم التعليم على المستويات كافة؛ إضافة إلى كلّ وسائل اكتساب المهارات والمعلومات؛ والضمان العالمي للحصول على التعليم الأساسي، وفرص التعليم المتكافئة؛ مع إزالة الحواجز: الثقافية والاجتماعية، التي تعوق تطبيق التعليم الملائم وممارسته".
وقد أمست ووسائل التعليم التقليدية وطرائقه، غير قادرة على مواجهة المطالب المتزايدة للعملية التعليمية، وكذلك المناهج الطامحة إلى القضاء على الأمية، في عالم سريع التغير. لذلك، فقد وفرت ثورة الاتصالات إمكانية التعليم من بعد، بتسخير الإذاعة والتليفزيون وشبكة الإنترنت، في صورة مكملة للتعليم التقليدي المدرسي، أو مستقلة عنه؛ فتلك الوسائل تتيح وصول الخدمة التعليمية إلى المناطق النائية والمنعزلة، وكذلك إلى المجتمعات الفقيرة، التي لا تستطيع تحمل تكاليف التعليم.
بدأ العديد من الدول النامية بتطوير برامج التعليم. وتعهدت الحكومات، حديثاً، حملة للقضاء على الأمية، معتمدة على التأثير البالغ للوسائط المتعددة. كما أطلقت دول مناهج مكثفة لاستخدام إمكانيات شبكة الإنترنت في العملية التعليمية؛ واستهدفت تحسين نُظُم التعليم، باستخدام تقنية ثورة الاتصالات، وخاصة في مناهج التعليم التكنولوجي. إن تسخير تقنيات ثورة الاتصالات، لتطوير العملية التعليمية، لا يتأتى بنقل المعلومات وتلقينها للدارسين فقط؛ وإنما بمتابعة تلك العملية وتخطيطها والإشراف عليها، وتوفير الظروف الملائمة لتأهيل المعلمين وتدريبهم، فضلاً عن الاستفادة بخبرات المجتمعات والدول المتقدمة في هذا المجال.
2. الأثر التكنولوجي
طالبت ثورة الاتصالات، مجال الطب من بعد Tele – Medicine، بواسطة الأقمار الصناعية الرقمية، أو الشبكات اللاسلكية عريضة النطاق الترددي؛ بل الاتصالات كافة بوسائلها المختلفة، وكذلك بعض التقنيات الطبية المتقدمة، التي توفر اتصالاً تفاعلياً: صوتياً ومرئياً، بين أطباء تفصل بينهم مسافات كبيرة. إن عملية تشخيص الأمراض، وإجراء التحاليل الطبية المختلفة، من بعد، تعوض، إلى حدّ كبير، من نقص الأطباء المتخصصين المهرة؛ حتى إن المؤسسات الطبية الكبيرة، تعقد اجتماعات استشارية لتشخيص بعض الحالات الحرجة، يشارك فيها، من خلال وسائل الاتصال الحديثة، مشاركة تفاعلية ناشطة، أطباء من مختلف أنحاء العالم.
وقد أسهمت ثورة المعلومات والاتصالات في تيسير التعليم الطبي الأكاديمي، وخاصة في الدول النامية، ذات الإمكانيات المتواضعة. كما أسهمت في توفير المعلومات الطبية والكتب والمراجع، ونشر الثقافة: الطبية والصحية والبيئية. وقد أنشئت مواقع علمية على شبكة الإنترنت، توفر الاستشارات: الطبية والصحية والبيئية، في صورة مبسطة وسهلة.
وفي مجال الاستشعار من بعد، الذي يُعَدّ طفرة علمية وتقنية، ساعدت ثورة الاتصالات على اكتشاف الثروات: المعدنية والبيئية والحيوانية؛ إذ تستشعرها وتصورها أجهزة ومعدات خاصة، على متن أقمار صناعية، تجوب الفضاء، في مدارات حول الكرة الأرضية؛ وترسل المعلومات المكتشفة، إما مباشرة إلى مراكز المراقبة الأرضية، أو من خلال أقمار اتصالات خاصة، إلى أيّ مكان في العالم. إن علوم الاستشعار من بعد Remote Sensing، ووسائله، هي إحدى سمات عصر ثورة الاتصالات. وتطبق في ميادين عديدة: عسكرية ومدنية، وهي تقنيات مرتفعة النفايات، لا تستخدمها سوى الدول المتقدمة والغنية. أمّا الدول النامية فيمكنها أن تشتري نتائج الاستشعار، من خلال مؤسسات خاصة، ذات صفة تجارية، تمتلك وتدير أقماراً صناعية خاصة للاستشعار.
وتستغل تقنيات الاتصالات الحديثة كذلك، في مراقبة حركة الهبوط والإقلاع، وتنظيم حركة الطيران، في المطارات الدولية العملاقة. و تزخر مطارات العالم بالعديد من المعدات الإلكترونية الدقيقة، التي تتصل، لاسلكياً، مباشرة أو من خلال الأقمار الصناعية الخاصة، بالطائرات وبمراكز المراقبة المماثلة في سائر المطارات.
إلى جانب ذلك، تزوَّد الطائرات الحديثة، بمساعدات طيران، وأجهزة اتصال ومراقبة، لتنبيه الطيار أو معاونيه وتحذيرهم، ومعاونتهم على إنجاح رحلتهم؛ وذلك باستقبال معلومات عن الموقع، من منظومة الأقمار الصناعية الخاصة Global Positioning System GPS.
تسهم تقنيات الاتصال الحديثة، كذلك، في مراقبة خطوط الإنتاج، في مؤسسات الصناعات الثقيلة، وخاصة في المواقع، التي قد يتعرض فيها المراقب البشري للأخطار، مثل: مراقبة حرارة الأفران، التي تنتج الحديد والصلب، أو خطوط الإنتاج، التي يصاحبها تولد مواد أو غازات ضارة بصحة الإنسان. كما تسخر هذه التقنيات لإنتاج العديد من الصناعات الإلكترونية الدقيقة ومراقبة جودتها، مثل: إنتاج اللوحات المطبوعة، أو شرائح المعالجات الدقيقة؛ بالاستفادة من أسلوب العمل من بعد.
بحث حول الأثر العلمي والتكنولوجي