مرض السمنة هو داء العصر ، فقد توجهت كل الأنظار نحوه من الجهات الطبية والتجاريّة أيضاً ، وتبذل بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية خطوات ومحاولات كبيرة وجادة لثقيف الأطباء الذين يتعاملون مع المرضى كل يوم تثقيفاً وقائياً لمنع حدوث المشكلة وطرقاً لحلّها ،فيتحدث الطبيب إلى المرضى وأسرهم حول التغذية الصحية وأساليبها المتّبعة ، لكن ماذا عن هؤلاء الأطفال الذين يعانون من السّمنة وهم في الثالثة من العمر أو أقل! وكيف يعرف الوالدين أن طفلهم مصاب بالسمنة ؟ وهل يمكن لأي شخص أن ينجح لحل مشكلة هؤلاء الأطفال؟ماذا لو كان الوالدان أو أحدهما أيضا يعاني من السّمنة ؟ هذه الأسئلة و أخرى غيرها قد تجعل التعامل مع المشكلة أكثر وضوحاً وإنصافاً بعد أن أصبح وباء السمنة يجتاح عالم الصغار كما الكبار!
التعامل مع موضوع سمنة الأطفال يحتاج إلى الكثير من الرّحمة والشفقة! اللّوم والعتاب والحرمان كلها تعقّد المشكلة بدل أن تحلّها ، كيف يمكن أن تحرم طفلا من قطعة حلوى أو منعه من شراء و تناول إحدى الوجبات السريعة ؟ حتى لو كان المريض في سن المراهقة ، هذا ضرب من الجنون ، فإذا كنت طبيباً معالجاً أو أخصائي تغذية فاعلم أن هذه ستكون الزيارة الأخيرة لك في عيادتك!
* هناك خمس قواعد مهمّة للتعامل مع الحالة في بدايتها وحتى تحقيق الأهداف المرجوة:
1.الإغاظة والاستهزاء غير مسموح بهما نهائياً.
2.اللوم والعتاب مرفوضان أيضا بشكل قطعي.
3.الكذب أو إخفاء الحقيقة على الطبيب المعالج أو اخصائي التغذية مرفوض ، لأنه موجود لتقديم المساعدة وليس لإطلاق الأحكام !
4.يمنع نعت الطفل ب(السمين) أو ما شابهها من ألقاب سلبية لأن ذلك لا يجدي نفعاً .
5.على جميع أفراد الأسرة اتّباع النظام الغذائي الصحي مع الطفل ، منعه من أكل شيء بالتحديد والسماح لإخوته به أمر سلبي ، على الجميع العيش بنفس الطريقة!
بتطبيق هذه الخطوات ، أنت تبني قاعدة ذهبيّة للتعامل مع المرضى وأباءهم ، وتبني جداراً قويماً من الثقة، مما يضمن الاستمراريّة للجميع.يأتي دور طبيب الأطفال في المقدمة ، وظيفته عمل الفحوصات وأخذ العينات اللازمة ، فهناك بعض الأمراض والاضطرابات قد تؤدي إلى زيادة الوزن عند الأطفال كتفاقم مشاكل الربو ومشاكل نقص الأكسوجين أثناء النوم ، هناك أيضا بعض الأطفال ممن يعانون من اضطرابات ونقص في الإنتباه ناتج عن فرط الطاقة والحركة اللتي يمتلكونها، هناك أطفال أيضا يعانون من مرض السكري أو أمراض الكبد الدهني أو أمراض في المفاصل ، الصداع الدائم وضغط الدّم أيضاً قد تظهر نتائجها على شكل زيادة في الوزن. يقوم الطبيب بتصويم الطفل لعمل الفحوصات اللازمة كفحوصات الدم وتقييمها، ثم يطلب مذكّرة موجزة عن قائمة الأطعمة التي تناولها الطفل في فترة معينة (كيوم مثلاً) بشرط أن تكون القائمة صادقة وتشمل كل الأطعمة بالفعل! بعد هذه الخطوات يقرر الطبيب ما هي الإجراءات العلاجيّة الّلازمة، وأذا كان يعني الطفل فعلا من مرض مهدد للحياة ، فإن الطبيب المعالج يتّخذ إجراءات وتغيرات غذائية جذرية على الفور.
بعد ذلك يأتي دور أخصائي التغذية لكتابة توصيات غذائيّة وحياتيّة ، ولتقديم النصح والإرشاد اللازمين كوقف شرب الكولا والمشروبات المحلاة بالسكر ، استبدال الدّرج بالمصعد و تقليل نسبة النشويات على العشاء ، وتتم المتابعة بعد اسبوعين مثلاً من التطبيق لضمان بدء ظهور النتائج الإيجابية ، مما يحفّز الطّفل ووالديه على الإستمرار.
هناك خمس نصائح مقدّمة لوالدي الطفل الذي يعاني من زيادة الوزن:
1. لا تزن طفلك بانتظام في المنزل، فنحن لا نريد هنا أن نخلق اضطرابات في حياة الطفل أوالتركيز على قضايا صورة الجسم، إذا أردت معرفة إن كان طفلك يكسب أو يخسر الوزن ، يمكنك معرفة ذلك من ملابسه إذا أصبحت فضفاضة أو أصبحت ضيقة!
2. شرب كوبين من الماء قبل مغادرة المنزل لحفلة عيد ميلاد أو لتناول العشاء مثلاً، لأنها سوف تعطي شعوراً بالإمتلاء ونأمل أن تحد من كمية الطعام المستهلكة غير المرغوب فيها في ذلك الوقت.
3. تناول الطعام المطبوخ في المنزل عوضاً عن الأكل في المطاعم ، الوجبات في الخارج عادةً ما تكون مصدر تغذية سيء للغاية لاحتواءها على كميات عالية من الصوديوم والمواد المصنّعة والّلحوم المجمدة غير موثوقة المصدر.
4. تقليل نسبة السكاكر قدر الإمكان واستبدالها بالفواكه.
5. استخدام التعزيز الإيجابي مع طفلك ، كاتباع أسلوب التحفيز بدلاً من أسلوب العقاب ، وابتكار طرق مختلفة لتحبيب فكرة تغير النظام الغذائي إلى نفسه كصنع بوسترات وصور لأغذية صحية وتعليقها في أماكن تناول الطعام.