فالدراسة التي أجرتها جامعة أوهايو The Ohio State University وجدت أن العزلة والشعور بالكراهية تجاه الآخرين تضعف جهاز المناعة كثيراً، بل وتقلل فرص الشفاء. وتقول الدراسة هناك أسباب كثيرة تجعلك تحرص على العمل الجماعي وتندمج مع الناس...
ففي دراسة أسترالية وجدوا أن المنعزل اجتماعياً يعيش أقل من غيره بنسبة 22 % . أي أن الانخراط في مجموعة والاندماج مع الآخرين يطيل العمر. ولذلك نجد معظم الكائنات الحية تعيش في مجموعات. وأروع مثال على ذلك مجتمع النمل والنحل!
أما الدراسة التي قامت بها جامعة فيرجينيا University of Virginia فتؤكد أن تبادل الحديث مع الأصدقاء يخفف الشعور بالألم.. فإذا كنت تشعر بألم مزمن نتيجة مرض ما أو إصابتك بحادث فإن وجود الناس بقربك يخفف الألم بشكل كبير.. وريما ندرك لماذا أمرنا النبي الكريم بعيادة المريض!
هل تتصورون يا أحبتي أن الله تعالى يوم القيامة سوف يسأل كل واحد منكم ويقول: مرضت تعدني! فتقول يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! فيقول أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟! [رواه مسلم].
هذا هو الإسلام الحقيقي الذي يحاربونه ويخوفون الناس منه، إنه دين الرحمة والحب والتسامح والعدل والسعادة. فالله عز وجل يخاطب أعماق الإنسان في هذا الحديث ويقول له إن زيارتك للمريض هي زيارة لله عز وجل... وإن عطاءك للفقير هو عطاء لله تعالى، وليس مجرد عطاء عادي، ولذلك فإن الإسلام وفر علينا عناء البحث والدراسة وأمرنا بهذه التعاليم الرائعة ليضمن لنا الصحة والعافية والحياة المطمئنة والسعيدة..
إن العمل ضمن مجموعات هي غريزة طبيعية جعلها الله في مخلوقاته مثل عالم النحل الذي يعتبر عالماً رائعاً في التعاون والعمل الجماعي لإنتاج أفضل مادة شفائية في الطبيعة، ولذلك ننصح كل إنسان بضرورة ممارسة بعض النشاطات الاجتماعية والخيرية والأعمال الدعوية أو المساهمة في نشر العلم النافع مع مجموعة من الإخوة أو الأخوات.. كل حسب ظروفه وحسب إمكانياته، وأن نحذر العمل الفردي لأنه ليس من تعاليم الإسلام. ولذلك قال النبي الكريم: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) [رواه البخاري].
ماذا أيضاً؟
دراسة أخرى لجامعة University of Rochester تقول بأن الزواج يساعد على الوقاية من أمراض القلب بنسبة أكبر، وإن المتزوج ويعيش حياة سعيدة يتماثل للشفاء من مرض القلب بسرعة أكبر ويعيش مدة أطول... ولذلك كلما كان الإنسان اجتماعياً ويمارس نشاطات أكثر مثل الأعمال الخيرية، وحب الخير للآخرين وأعمال البر والعطاء والإحسان للزوجة والأولاد والأربين.. بذلك يكون النظام المناعي أقوى وبالتالي يتمتع بصحة أفضل وأمراض أقل.
الفيروسات تهاجم أجسامنا بشكل دائم، ولكن شدة الإصابة تعتمد على مدى مقاومة النظام المناعي لأجسامنا، فكلما كان النظام المناعي أقوى كانت أجسامنا أقدر على مواجهة الفيروسات والقضاء عليها والتخلص منها بسهولة... لدرجة أننا لا نكاد نشعر بها.. على عكس من لديه ضعف في النظام المناعي حيث نجد أن الفيروسات تصيبه بسهولة وتتغلب عليه.. فيقف الجهاز المناعي عاجزاً أمامها.
أما الطلاق فيؤدي إلى احتمال الإصابة بأمراض القلب ومرض السكري وذلك حسب دراسة لجامعة جونس هوبكنز Johns Hopkins University وقد أكدت هذه النتائج دراسة أخرى لجامعة أريزونا University of Arizona حيث وجدوا أن الأزواج المنفصلين يعيشون حياة قلقة وهناك احتمال للموت المبكر بنسبة 31 % أكثر من غيرهم.
ولذلك جعل الله تعالى الزواج آية ومعجزة تستحق التفكر، قال عز وجل: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]، والزواج هو نوع من أنواع الحياة الاجتماعية.
في معظم آيات القرآن نجد الأوامر بصيغة الجماعة.. مثلاً قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 103].. وآيات كثيرة تؤكد أهمية التمسك بالجماعة والعمل ضمن مجموعات.
ويبقى السؤال: أليس الإسلام ديناً رائعاً يستحق أن نتبعه بل ونفخر بانتسابنا له؟!