. كتاب الحيوان من أمهات كتب الأدب والمعرفة والثقافة العامة. ألّفه أبو عثمان، عمرو بن بحر بن محبوب، الجاحظ (ت255هـ، 868م) وهو إمام في التأليف وقمّة من قمم البيان العربي. خلّف نحوًا من 360 كتابًا ورسالة.
كتاب الحيوان طريف في موضوعه تتجلى أهميته في أنه أول مصنَّف عربي جامع يتناول موضوع الحيوان فيمزج بين الأدب واللغة وحياة الحيوان. وقد سبقته مؤلفات تتعلق بالحيوان مثل كتب الإبل والشاء وغيرها، إلا أن الصبغة اللّغوية وطابع الجمع والتدوين ورواية اللغة كانت غالبةً على تلك المؤلفات. والكتاب أضخم كتب الجاحظ وأجلّها، وهو موسوعة ثقافية ودائرة معارف لا غنى للباحث عنها، عكس فيه المؤلف صورة مشرقة لثقافة عصره المتشعبة وضمّنه طائفة صالحة من المعارف الطبيعية والمسائل الفلسفية ونزاع أهل الكلام وغيرهم من الطوائف الدينية. كما لم يُخْله من مسائل الجغرافيا وخصائص البلدان. وألمح فيه إلى تأثير البيئة في الإنسان والحيوان والشجر. كما تكلّم عن الطب والأمراض في الإنسان والحيوان، وذكر كثيرًا من المفردات الطبية والنباتية وجوانب من علم الفيزياء والكيمياء وعلم الحيوان، بالإضافة إلى الموضوعات الأدبية واللغوية التي تسوقها المناسبات ويقتضيها المقام.
الكتاب ذو شقين: علميّ وأدبيّ؛ يجد فيه القارئ الجانب الأدبي بكل مقوماته كما يلحظ فيه بوادر العلم التجريبي في وقت واحد. وقد تنبه الجاحظ إلى ذلك حين قال في خطبة الكتاب: هذا كتاب تستوي فيه رغبة الأمم وتتشابه فيه العرب والعجم، لأنه وإن كان عربيًا أعرابيًّا وإسلاميًّا جماعيًّا فقد أخذ من طرق الفلسفة وجمع معرفة السماع وعلم التجربة.