+
----
-
الحمد لله رب العالمين ، والصلاه والسلام على سيد المرسلين محمد ، أفصح العرب لساناً وأبلغهم بياناً ، وعلى اله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين .
لاأحد يشك فى أهمية العمل سواء للفرد أو للمجتمع أو الدول
والدول والمجتمعات تقاس جديتها وتقدمها باهتمامها بالعمل والدول المتقدمه فى العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم فى العلوم والفضاء والتقنيه إلا بجديه أبنائها فى العمل ، وأسلافنا المسلمون السابقون لم يبنوا حضارتهم الإنسانيه الكبيره إلا بإخلاصهم فى العمل ، ولقد حصل التراجع والتأخر للمسلمين فى الوقت الحاضر لعدم جدبتهم فى العمل مع أن الدين الإسلامى يحث على العمل الجاد ، فالاسلام اعتبر العمل حق لكل مسلم ، وحارب البطاله لأثارها السلبيه على المجتمعات والأسر ، بل أنه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما جعل العمل المفيد من أسباب التقدم والرقى ، وقد ورد فى القرآن الكريم العديد من الآيات التى تتعلق بهذه المعانى ومن ذلك
((هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )) [الملك :15]
وقوله تعالى (( َلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ )) [الأعراف : 10]
كما أن السنه الشريفه تضمنت العديد من النصوص التى تحث على العمل والكسب الحلال
[ ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده ]
وقوله صلى الله عليه وسلم [ من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له ]
والإسلام يفرق بين أنواع العمل بحيث يكون نوع منها لفئه معينه ونوع آخر لفئه أخرى ، وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض الأعمال والصناعات المفيده بدون أن يقصرها على فئه محدده فقد نوه القرآن الكريم بمادة الحديد التى لها دور الآن فى مجال الصناعه .
((وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ))
[center] [ الحديد : 25 ]
وكما أشار إلى صناعه اللباس فى قوله .
((وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ ))
[النحل : 80 ]
وصناعه السفن .
((وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا )) [هود : 37]
ولقد كرم الإسلام العاملين ولم يستعيب أى نوع من العمل الشريف فقد رفع الزكاه عن الآن المحترفين وخفف الجزيه عن ذوى الصناعه والزراعه...
وقد كان أنبياء الله ورسله يعملون فى مهن مختلفه ، فقد كانآدم عليه السلام يعمل فى الزراعه ، وداود عليه السلام فى الحداده، ونوح عليه السلام فى التجاره ، وموسى عليه السلام فى الكتابه ، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى التجاره والرعى ، كما أن من الصحابه الكرام من امتهن التجاره كأبى بكر الصديق ، والحداده كحباب بن الإرث ، والرعى كعبد الله بن مسعود ، وصناعه الأحذيه كسعد بن أبى وقاص ، والخدمه كبلال بن رباح ، والخياطه كالزبير بن العوام .
وفى هذا المجال يقول الخليفه الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه
[ إنى لأرى الرجل فيعجبنى فأقول آله حرفه فإن قالوا لا سقط من عينى ]
وفى الإسلام يعتبر العمل ضرورياً إذا كان القصد منه اكتساب الرزق ، وذلك لأن المحافظه على سلامة البدن أمر واجب لكون ذلك وسيله للبقاء والذى يؤدى للغايه التى خلق الإنسان لها ، وهى عبادة الله التى تؤدى إلى رضاء الله وثوابه .
((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) [الذاريات :56]
أما إذا كان الهدف من العمل هو الإكتساب لقضاء دين أو للإنفاق على العائله فإنه يعتبر واجباً لأنه أداء حقوق الإنسان .
والإنفاق على الزوجه والأولاد والوالدين ونحوهم ممن هم تحت إعالته أمر واجب .
(( لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ )) [الطلاق : 7]
أما إذا كان الهدف من العمل هو الزياده من الكسب الحلال أو التعفف عن سؤال الناس فهو أمر مستحسن ، وفى ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم [ رحم الله إمرءاً اكتسب طيباً ]
وقوله [ نعم المال الصالح للرجل الصالح ]
كما يقول عليه الصلاه والسلام [ السؤال آخر كسب العبد ]
من ناحيه أخرى يعتبر عمل الفرد فى نظر الإسلام فرض كفايه بالنسبه للمجتمع
فالعمل فى مجالات النفع العام كالصناعه والزراعه والتجاره والحدادة والكهرباء ونحو ذلك يعتبر خدمه للمجتمع بأكمله يأثم الجميع إذا ترك العمل فى هذه المجالات ونحوها .
وكما أن الإسلام قد أكد على أهمية العمل وضرورته للفرد والمجتمع فقد اهتم بحقوق العاملين وواجباتهم ، فمن ناحيه الحقوق كان هناك حرص على أن يعطى العامل أجراً مناسباً ومجزياً وأن يصرف هذا الأجر فور إستحقاقه ، ففى السنه .
[ اعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه ]
كما تم وضع الأسس اللازمه التى من شأنها المحفظة على صحة العامل ومنحه الرعايه الصحيه بما فى ذلك حفظ النفس والعقل وكذلك إتاحة الفرصه له للراحه لأن لكل إنسان طاقه محدده ينبغى عدم تجاوزها .
((لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا )) [البقرة : 286]
وفى السنه [ روحوا القلوب ساعة بعد ساعه فإن القلوب إذا كلت عميت ]
كما اعتنى الإسلام بالأحداث والنساء فى مجال العمل فهو وإن كان قد أجاز تشغيل الحدث من أجل بعث روح التحفز والكسب وتشجيعه على الإعتماد على النفس إلا أنه قيد ذلك بأن يكون العمل الذى يمارسه ملائما له وأن يكون عملاً مشروعاً وأن يكون العمل بإختيار ولى الأمر .
أما بالنسبه للمرأه فقد جعل لها الإسلام ذمه ماليه مستقله وأجاز لها العمل الذى يناسب قدراتها بشرط الإحتشام والوقار .
أما عن واجبات العامل فقد أكد الإسلام على ضرورة قيام العامل بأداء عمله بالدقه والإخلاص وحذر من خيانة الأمانه
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ))
[ الأنفال : 27 ]
وقوله تعالى أيضاً .
(( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )) [التوبة :105]
وقد ورد فى السنه النبويه [ إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ]
ولذلك فإن العامل يكون مسؤلاً عن الأخطاء الناشئه بسب تقصيره وإهماله .
ومن فوائد العمل الصالح :.
أن العمل الصالح سبب لتفريج الكربات فإذا وقعت فى ضيق ففتش عن هذه الأعمال الصالحه وادعوا الله بها فتش عن صدقه سر تقم بها بحيث لم تدر شمالك ماأنفقت يمينك .
أن الإنسان كما يدخر النقود لأيامه القادمات فإنه كذلك يدخر العمل الصالح لكرباته الآتيات فمن تعرف على الله فى الرخاء تعرف عليه فى الشده .
أن الله جعله جسرا للتمكين فى الأرض وجعله سبباً للحصول على الأمن فى الدنيا قبل الأخره
قال الله تعالى
(( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) [النور : 55]
ومن ذلك يتبين لنا أن العمل قوام الحياه ، وسر السعاده وأساس الحضاره ، والفرد فى مجتمعه لاينعم بعيش رغدٍ هنىء ، ولا تتحقق آماله فى الحياه إلا بالعمل الدائب والسعى المتصل والتعاون مع غيره فى ظلال الحب والإحترام والإيمان بالله سبحانه وتعالى
وذلك لقوله سبحانه
(( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) [النحل : 97]
فإذا كنت راغباً فى الحياه السعيده متشوقاً لها فقدم العمل الصالح على راحة الرضا تأتيك الحياة الطيبه على طبق السعادة ................
الاسئله
1/صف العمل الصالح
2/ما العمل الصالح بنظرك