السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتذكر فتاة كانت تدرس معي في المرحلة الجامعية، كان لديها فوبيا (رهاب) من صنف الرجال، والادهى والامر أنها ساذجة لدرجة انه رغم حرصها على التمسك بمبادئها، فان نيتها الصافية وسلامة طويتها يجعلها معرضة لخداع شاب مراوغ. صراحة لم تقبل أن تتكلم معي الا بعد ان طمأنتاها قريبتيها اللتين كانتا لا تفارقانها بوصاية من والديها، فكما صرحت لي بانه ما قبولها الحديث معي الا بعد أن بثت قريبتيها الطمانينة في قلبها كونهما استنتجتا من طريقة كلامي معهما بانني ابن عائلة محترمة، وانه من خلال ملامح وجهي تبين لهما بانني لست من النوع الذي يريد الايقاع بالفتيات. المهم عندما وثقت بي بدأت تسرد لي شيئا فشيئا مشاكلها وتبوح لي باسرارها، قالت لي بانها لا تثق باي رجل، وان لديها خوف كبير منهم لدرجة ان اصبح الجنس الخشن يشكل عقدة في حياتها، والسبب هو جهل والديها، فعوض ان ينصحاها بطريقة حكيمة وعقلانية بضرورة الحفاظ على شرفها وعدم منح الثقة للرجال، فانهما للاسف كانا يخوفانها منذ نعومة اظافرها منهم، كثيرا ما كانا يرددان على مسامعها عبارات ظلت عالقة في مخيلتها : "احذري من الرجال فهم ذئاب، ابتعدي واهربي منهم فهم وحوش يفترسون الفتيات ". والحمد لله انه في الاخير تحقق لها الشفاء من ازمتها النفسية وذلك بسبب موقف لي معها، فقد كان يدرس معنا في نفس الشعبة شاب خبيث لا هم له الا اصطياد الفتيات، اراد ان يستغل سذاجتها ويوقع بها عبر تفكيره في وضع مكيدة لها، ولخوفي الشديد عليها اسديت لها نصيحة قيمة، قلت لها انا اعتبرك مثل اختي لهذا من واجبي تقديم نصيحة لك، الشاب فلان الذي يدرس معنا يعد عدته للنيل منك بشتى الطرق، ونظرا لطيبتها المفرطة بدأت تثني علي وتشكرني قائلة بانها لن تنسى ما فعلته من اجلها طوال حياتها كوني قدمت لها خدمة جليلة وعظيمة، منهية كلامها بقولها : " فانا فتاة ساذجة لا تجربة لي في هذه الحياة، انا عاجزة عن شكرك، جازاك الله خيرا"، وبعد مضي مدة اعترفت لي بانها بفضلي شفيت من عقدة الخوف من الرجال لانها اكتشفت بانهم ليسوا كلهم يتربصون بالفتيات ويريدون الشر بهن، وانهم ليسوا كلهم وحوشا آدمية كما كان يصور لها والديها ويكررانه عليها، ثم قالت لي : " اثق بك لدرجة لو اكتشفت بانك ايضا تريد استغلال سذاجتي فانني ساصاب بصدمة كبيرة". حكيت لكم كل هذه التفاصيل الطويلة حتى تعرفوا فداحة الجريمة التي يرتكبها بعض الآباء في حق بناتهم ربما بحسن نية، كوني متاكد من ان والدي تلك الفتاة كانا يريدان المصلحة لها، وانهما لشدة خوفهما وغيرتهما عليها كانا يسعيان جاهدين لنصحها حتى لا تقع ضحية لبعض المخادعين من الشباب، وهذا شيء رائع ومطلوب، بل المفروض القيام به حيال البنات خاصة في زماننا الذي كثر في وجود من يتحين الفرص للايقاع بهن، لكن العيب في طريقة والدي تلك الفتاة، فقد اخطآ خطا جسيما في حقها عندما صورا لها جميع الرجال بصورة قاتمة مرعبة شكلت عقدة لديها ربما كانت ستظل مرافقة لها حتى بعد زواجها، الشيء الذي كان سيؤثر سلبا على مسار علاقتها بزوجها، ويحدث نفورا لديها منه في علاقتها الحميمية به، خاصة ان كان نصيبها الزواج برجل فظ غليظ القلب، جاهلا بنفسية المرأة، غير مراع لعاطفتها الجياشة، رجلا غير متفهم لا يغدقها بفيض من الحنان. في ضوء كل هذا على الابوين ان يقدما النصائح لبناتهم بطريقة سديدة، عليهما ان يحذرا بناتهم من الرجال دون تخويفهن منهم.