آفات اللسان وعلاجه
من أعظم نعم الله على الإنسان بعد الإسلام نعمة النطق باللسان، قال الله تعالى:
{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ}
[البلد: 8، 9].
ولكنه في الوقت نفسه ابتلاء من الله لهذا الإنسان ونقمة عليه في بعض الأحيان.
وقد أخبر سبحانه وتعالى أنه لا خير في كثيرٍ ممَّا يتناجى به الناس ويتخاطبون .. قال تعالى:
{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}
[النساء: 114].
فيا أمل الأمَّة، أنتي مأمورةٌ بحفظ لسانك عن كلِّ أمرٍ حرام.
يقول الله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}
[الإسراء: 36].
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، أيُّ المسلمين أفضل؟ قال: من سَلم المسلمون من لسانه ويده
(متفق عليه).
وقال الرسول صلَّ الله عليه وسلم في حجَّة الوداع: «فإنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب»
(رواه مسلم).
صور من آفات اللسان
وأذكر إليكِ يا فتاة الإسلام بعض الصور من آفات اللسان، التي عمَّت بها البلوى في هذا الزمان.
1- سؤال الكهان والعرافين: قال صلَّ الله عليه وسلم :«من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة»
(رواه الإمام أحمد)
وقوله: «من آتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد».
فهؤلاء الدجالون قد خَدعوا كثيرًا من الناس، وسلبوا أموالهم وأعطوهم الوعود الكاذبة في تحقيق مرادهم، ويندرج تحت ذلك ما يطلبه أصحاب النفوس المريضة من قراءة الكف والسعي إلى تسخير الزوج عن طريق السحر، وهو ما يعرف بدواء السخرة.
2- الحلف بغير الله: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم :«من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك»
(رواه الترمذي وأبو داود).
وقوله صلَّ الله عليه وسلم :«من حلف بالأمانة فليس منا»
( رواه أبو داود).
والحلف بغير الله يشمل الملائكة والأنبياء والرسل والأولياء والصالحين والكعبة وغيره.
3- القذف قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
[النور: 23].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلَّ الله عليه وسلم قال:«اجتنبوا السبع الموبقات».
قيل يا رسول الله وما هنَّ؟
قال: «الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلاَّ بالحقِّ، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولِّي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات»
(البخاري ومسلم).
4- الكذب: اعلمي يا فتاة الإسلام أنه ما كان خُلقٌ أبغض إلى النبي صلَّ الله عليه وسلم من الكذب، وهو داءٌ قد استشرى بين الفتيات لعدم استشعار الرقيب من الله تعالى:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
[ق: 18].
وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن الكاذب قال تعالى:{إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ}
[النحل: 105]
كما أنه سبب للعذاب الأليم، قال تعالى:{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}
[البقرة: 10].
وأيضًا أخبر النبي صلَّ الله عليه وسلم بأنَّ الكذب يوصل إلى النار، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم :«وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب كذابًا»
(البخاري ومسلم).
5- الغيبة والنميمة، قال تعالى:{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}
[القلم: 11]
وقال تعالى:{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}
[الحجرات: 12].
وقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم :«لا يدخل الجنة نمام»
(واه مسلم).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما الغيبة؟»، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «ذكرُك أخاك بما يكره» قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته
(واه مسلم).
فنقول للنمام والمغتاب حسبكم الله فكم بفعلكم قلوب قد تفرَّقت وبسببكم من الأرحام قد قُطعت، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
6- السخرية والاستهزاء والتنابز بالألقاب، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
[الحجرات: 11].
وقال صلَّ الله عليه وسلم :«بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»
رواه مسلم.
7- الغناء: يا فتاة الإسلام إن أعداءك قد صوبوا سهامهم نحوك بغية صدِّك عن كتاب الله، وقد استخدموا في ذلك سلاحًا فتاك ألا وهو الغناء؛ فهو من أنجح الوسائل التي أفسدت فتيات هذه الأمَّة، حيث حثتهم على العشق والغرام وإضاعة الأوقات.
قال الله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}
[لقمان: 6] .
وقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم :«ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر(أي الفرج) والحرير والخمر والمعازف»
(رواه البخاري).
علاج آفات اللسان
1- تعظيم الله في قلبك فهو أنجع دواء لنبذ الشهوات والفسوق والعصيان.
2- تذكر الموت ومعرفة ما في القبر من عذاب ونعيم قال تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
[المؤمنون: 99، 100].
3- الصلاة قال تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}
[العنكبوت: 45].
4- الدعاء، وهو من أعظم العلاج، تسألين الله أن يحفظ عليك لسانك من أعراض المسلمين.
5- الصمت، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم :«رحم الله عبدًا قال خيرًا فغنم، أو سكت عن سوء فسلم»
(السلسلة الصحيحة (886))
6- قراءة النصوص المتعلقة بذمِّ الحسد والكبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب (وقفات مع أمل الأمة)
لأحمد عمران