الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام الأولين والآخرين،
وقائد الغُرِّ المُحجَّلين، وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين، أما بعد؛
الكون وفطرته في الخضوع و الطاعة لله
ان جميع الكون بسمائه وارضه وافلاكه
وكواكبه ودوابه وشجره وبره وبحره
وملائكته وجنه وانسه كله خاضع لله مطيع لأمره الكوني
قال تعالى ( وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها) ال عمران 83
وقال تعالى (بل له ما في السموات والارض كل له قانتون)البقرة 116
( ولله يسجد ما في السموات وما في الارض من دابه والملائكة وهم لا يستكبرون)النحل 49
( الم تر ان الله يسجد له من في السموات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس)الحج18
(ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها وظللهم بالغدو والأصال)الرعد 15
وكل هذه الكائنات والعوالم منقاده لله خاضعه لسلطانه تجري وفق ارادته وطوع أمره لا يستعصي عليه منها شيء تقوم بوظائفها وتؤدي نتائجها بنظام دقيق وتنزه خالقها عن النقص والعجز والعيب قال تعالى ( تسبح له السموات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)الاسراء 44
فهذه المخلوقات صامتها وناطقها وحيها وميتها كلها مطيعه لله منقاده لأمره الكوني وكلها تنزه الله عن النقائض والعيوب بلسان الحال ولسان المقال
فكلما تدبر العاقل هذه المخلوقات علم انها خلقت بالحق للحق وانها مسخرات ليس لها تدبير ولا استعصاء عن أمر مدبرها
فالجميع مقرون بالخالق بفطرتهم.
قال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله: (وهم خاضعون مستسلمون قانتون مضطرون من وجوه :
منها : علمهم بحاجتهم وضرورتهم اليه
ومنها : خضوعهم واستسلامهم لما يجري عليهم من اقداره ومشيئته
ومنها : دعاؤهم اياه عند الاضطرار
والمؤمن يخضع لأمر به طوعا وكذلك لما يقدره عليه من المصائب فانه يفعل عندها ما أمر به من الصبر وغيره
طوعا فهو مسلم لله طوعا خاضع له طوعا والكافر يخضع لأمر ربه الكوني
وسجود الكائنات المقصود به الخضوع وسجود كل شي بحسبه سجود يناسبه ويتضمن الخضوع للرب وتسبيح كل شي بحسبه حقيقة لا مجازا)
وقال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله على قوله تعالى ( افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون) ال عمران 83
قال: فذكر سبحانه اسلام الكائنات طوعا وكرها لان المخلوقات جميعها متعبده له التعبد التام سواء أقر المقر بذلك أو أنكره
وهم مدينون له مدبرون فهم مسلمون له طوعا وكرها وليس لاحد من المخلوقات خروج عما شاءه وقدره وقضاه ولا حول ولا قوه الا به وهو رب العالمين ومليكهم يصرفهم كيف يشاء وهو خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم وكل ما سواه فهو مربوب مصنوع مفطور فقير محتاج معبد مقهور وهو سبحانه الواحد القهار الخالق البارئ المصور)مجموع الفتاوي (10-200)
وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد
من كتاب عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها أو ينقصها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع وغير ذلك
بقلم الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء