اتساع السماء: حقيقة قرآنية وعلمية؟
تساؤلات كثيرة يثيرها بعضهم بهدف التشكيك في إعجاز القرآن من الناحية العلمية، ويحتجون بالتفاسير القديمة للقرآن وما فهمه العرب من هذه الآيات، فهل يجب علينا أن نفهم القرآن كما فهمه الأقدمون؟
في هذه السلسلة من المقالات نهدف لإيضاح بعض المفاهيم الخاطئة لدى بعض الناس، ومنها حقيقة اتساع الكون، فطالما نظر العلماء إلى الكون على أنه أزلي ثابت، هكذا وُجد وهكذا سيبقى. ولكن القرن العشرين شهد تطوراً عظيماً في علم الفلك يتمثل في اكتشاف ما يسميه العلماء بـ "تمدد الكون".
حقائق كونية
حتى بداية القرن العشرين كان العلماء يظنون بأن هذا الكون ثابت لا يتغيَّر، وُجد هكذا وسيستمر إلى مالا نهاية على ما هو عليه. فالشمس تطلعكل يوم من الشرق وتغيب من الغرب، والقمر أيضاً له منازل محددة طيلة الشهر، وفصول السنة من شتاء وصيف وربيع وخريف تتعاقب باستمرار، والنجوم كما هي.
في ظل هذه الرؤية، من كان يتخيَّل بأن حجم الكون يكبر ويتوسع باستمرار؟ هل يمكن لعقل بشري أن يتصور بأن السماء كلها تتمدَّد وتتوسع؟ بالتأكيد لا يمكن. ففي النصف الأول من القرن العشرين تم اختراع أجهزة دقيقة قادرة على تحليل الضوء القادم من النجوم البعيدة، وكانت المفاجأة التي أذهلت العالم هي انحراف هذا الضوء نحو اللون الأحمر، ولكن ماذا يعني ذلك؟
إذا نظرنا إلى نجم عبر التلسكوب المكبِّر وقمنا بتحليل الطيف الضوئي الصادر عنه، لدينا ثلاثة احتمالات:
1ـ إذا كانت المسافة التي تفصلنا عن هذا النجم ثابتة نرى ألوان الطيف الضوئي القادم منه كما هي.
2ـ إذا كان النجم يقترب منا فإن الطيف الضوئي في هذه الحالة يعاني انحرافاً نحو اللون الأزرق باتجاه الأمواج القصيرة للضوء، وكأن هذه الأمواج تنضغط.
3ـ إذا كان النجم يبتعد عنا فإن طيفه الضوئي ينحرف نحو اللون الأحمر،باتجاه الأمواج الطويلة للضوء، وكأن هذه الأمواج تتمدد.
والنتيجة التي حصل عليها علماء الفلك أن معظم المجرات البعيدة عنا تهرب مبتعدة بسرعات كبيرة قد تبلغ آلاف الكيلومترات في الثانية الواحدة! لذلك نجد ضوءها منحرفاً نحو اللون الأحمر. وبعد تطور أجهزة القياس والتحليل وباستخدام برامج الكمبيوتر تم تأكيد هذه الحقيقة العلمية، حتى إننا نجد اليوم أي بحث كوني ينطلق من هذه الحقيقة اليقينية.
لاتبخلوا علينا بالدعاء