الموازنة بين الشعر العمودي و الشعر الحر
أولا : خصائص الشعر القديم/ شعر الوزن والقافية (بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي
1 ــ تلتزم القصيدة بصرامة مستلزمات الوزن والقافية.
2 ــ وتزينها الديكورات الفخمة من بيان وبديع وجناس وطباق ومجاز واستعارة ولا تخلو من الحكمة والمواعظ وغيرها من أفكار فلسفية.
3 ــ قوافيها مضبوطة الحركات الا ما ندر. فتسكين القوافي أمر غير مستساغ في عمود الشعر العربي، بل وقد يعتبر دليلا علي ضعف الشاعر. الشعر ايقاع وحركة تعودتهما الاذن منذ عشرات القرون.
4 ــ عدا عن امكانية تجويز تسكين القوافي (وهو من الحلال البغيض، وهو سكون خارجي)، فلا تسكين علي الاطلاق في كلمات البيت الشعري الأخري. لا سكون في داخل البيت فالداخل يعج ويضج بشتي أنواع الحركات من رفع ونصب وجر.
5 ــ يكاد وضوح القصيدة في المعني والاشارة والاستعارة والمجاز أن يكون كاملا أو شبه كامل فالأبيات فرادي والقصيدة ككل مفضوحة المقاصد والاغراض لا تستر نفسها الا في القليل من الحالات (أقصد هنا الشعر الصوفي).
6 ــ يمكن اختزال القصيدة بحذف بعض أبياتها التي تكرر معاني قيلت في أبيات أخري من دون أن يؤثر الأمر علي مجمل سياق القصيدة معني وقصدا.
7 ــ الحقبة الزمنية/ عمر القصيدة ــ يدعي المؤرخون أن امرأ القيس كان أول من قال الشعر وأول من قيد القوافي وأبد الأوابد، أي أن هذا الشعر قد ولد قبل الاسلام بقرنين من الزمان...
ــ اذا صح أن الشاعر امرأ القيس عاش في تلكم الحقبة من الزمن ــ واستمر معمرا حتي نهاية الحرب العالمية الثانية (1945). عمر طويل ولكن التغيرات التي طرأت عليه قليلة وجد بطيئة.
مع نهاية هذه الحرب واجهت البشرية عصرا جديدا وعالما جديدا وثورة في العلوم النظرية والتطبيقية وقفزة جبارة غير مسبوقة في عالم الالكترونيات وأجهزة الاتصال وباقي منجزات التكنولوجيا الحديثة.
8 ــ القصيدة ملزمة بقيود ثقيلة شديدة وأحكام صارمة لا تقبل نقاشا أو مساومة. لا وجود هنا لحرية التصرف بالشكل. كانت دوما مرآة صادقة لمراحل تأريخية منوعة من بداوة ورعي وزراعة واقطاع ثم عهد الرأسمالية التي نعرف.
9 ــ غارقة بانجازات الفكر وسيطرة العقل الواعي وطغيان سطوة الرقيبين الداخلي (الشاعر نفسه) والخارجي (الحاكم والدين والمجتمع والتقاليد).
10 ــ واقعيتها صارخة ومدوية تخترق الجلد وتنفذ للعصب العميق، لا تخجل من سفورها الكامل.
11 ــ كان لها أمراؤها وشعراؤها الكبار المعروفون الذين ظلوا شامخين يطاولون ويتحدون الزمن.
12 ــ لها أطوارها ومراحلها المشهورة كمرحلة الشعر الجاهلي والاسلامي والأموي ثم العباسي
والأندلسي و. و. و...
13 ــ تصميم بنائها ثابت الشكل، لأن التفعيلات تتغير بوتائر ثابتة في البيت الواحد، والبيت الواحد هذا يكرر نفسه وينقل ايقاع موسيقي هذه التفعيلات الي عموم هيكل القصيدة. ايقاع ثابت اذن يتكرر دوريا ومحدد التغير (ستاتيك) يحمل مضامين مكررة شبه ثابتة تقادم علي أغلبها الزمن، علي أن كل طور من أطوارها يتميز ببعض المعاني والمضامين والأغراض الخاصة.
14 ــ نمو القصيدة الكمي عرضي ــ طولي لكنه ثابت بقوالب التفعيلات.
15 ــ ليست هناك فراغات مكانية سواء في البيت الواحد أو في عموم القصيدة كي يملؤها الشاعر بالنقاط. لا نقاط ولا تنقيط في القصيدة. هذا الأمر أتانا مع قصيدة الشعر الحر.
16 ــ تلحن وتغني بيسر. فهذا الأمر كثير الشيوع. شاع وانتشر منذ اقدم الأزمنة اذ رافق الغناء والطرب ومظاهر البطر والثراء. كما كان ــ وما زال ــ الوسيلة المثلي للتعبير عن الحزن والشجن. فما أكثر شعر المراثي والتعازي وطقوس البكاء.
17 ــ يتذكر المرء هذا النوع من الشعر، يحفظه ويردده مع نفسه حسب مزاج الحالة الراهنة، فرحا أو حزنا، حكمة أو سخرية من أحد أو من الزمن...