مناسك الحج
الحجاج يتوافدون على مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة من كل أنحاء العالم.
التوجه إلى منى. إذا جاء يوم التروية يتوجه جميع الحجاج إلى منى
الطرق المؤدية من منى إلى عرفات
الأعداد الغفيرة من الحجاج عند جبل الرحمة في عرفات.
الإحرام. يبدأ الإحرام في ميقات الحج الزماني، وهي أشهُر الحج، ومن ميقات الحج المكاني وهو مكة لمن كان مقيمًا فيها أو كان متمتعًا، وذو الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام ومصر والمغرب، ويلملم لأهل اليمن، وقرن المنازل لأهل نجد، وذات عرق لأهل المشرق. وتعد هذه المواقيت الخمسة ميقاتًا لمن قدم منها من غير أهل تلك البلاد المذكورة.
والإحرام هو النية للدخول في الحج، وينعقد بالتلبية ولفظها كما أُثِر عن الرسول ³: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك والملك، لا شريك لك) رواه البخاري ومسلم. ويستحب الإكثار من التلبية ورفع الصوت بها. ويكون الإحرام بلبس رداء على الكتف، وإزار يستر ما بين السرة إلى الركبة، ونعلين. ويُسنّ لمن أراد الإحرام الغسل وتنظيف الجسد، ثم لبس ثياب الإحرام والتطيب وصلاة ركعتين، ثم التلبية. وإذا أحرم الحاج حَرُمَ عليه أن يتطيب أو يصيد أو يعقد على امرأة أو يجامع زوجته؛ وللحاج أن يحرم مفردًا أو متمتعا أو قارنًا.
الإفراد أن ينوي الحاج أداء الحج فقط من الميقات أو من مكة، إذا كان من سكان مكة، ولا يتحلل إلا بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر وذبح هديه أو حلق رأسه. علمًا بأن الذبح لا يجب على المُفْرد. وهذا هو التحلل الأصغر، والتحلل الأكبر يكون بعد طواف الإفاضة.
التمتع أن ينوي الحاج من الميقات أداء العمرة متمتعًا بها إلى الحج، وإذا وصل مكة طاف وسعى ثم حلق ثم يتحلل، ويكون قد أنهى مناسك العمرة. ويحرم يوم الثامن من ذي الحجة ـ يوم التروية ـ من مكة لأداء الحج ويتحلل بعد ذلك كما يتحلل المفرد.
القران أن ينوي الحاج أداء الحج والعمرة معًا. وإذا وصل مكة طاف وسعى وبقي محرمًا ويتحلل يوم العيد كما يتحلل المفرد والمتمتع.
يلزم القارن أن يسوق معه الهدي كما فعل النبيص. ويلزم المتمتع أن يذبح الهدي في يوم العيد أو أيام التشريق الثلاثة، ومن لم يجد الهدي وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى وطنه لقوله تعالى: ﴿فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في وسبعة إذا رجعتم تلك الحج عشرة كاملة ﴾ البقرة: 196 . وعلى الرغم أن النبي ³ حج قارنًا، إلا أنه وجّه الصحابة إلى التمتع فقال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة) أي: ثم أحرمت بالحج قبيل يوم عرفة. رواه البخاري ومسلم.
الطواف. بعد الإحرام يتوجه الحاج إلى مكة ويدخل المسجد الحرام للطواف حول الكعبة طواف القدوم، ويكون الحاج متطهرًا لقول النبي ³: ( الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله قد أحل فيه النطق فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير ) رواه ابن حبان والحاكم. ويبدأ الحاج طوافه من الحجر الأسود ويجعل البيت عن يساره ويطوف سبعة أشواط؛ يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى بأن يسرع في مشيه مقاربًا خطاه وذلك تأسيًا بالنبي ³. ويُسنّ أن يصلي الحاج بعد الطواف ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام، إن تيسر له ذلك، لقوله تعالى: ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾ البقرة: 125 . ثم يشرب من ماء زمزم ويدعو الله بما شاء.
السعي بين الصفا والمروة ويكون سبعة أشواط بعد الطواف، ويبدأ من الصفا وينتهي بالمروة
السعي بين الصفا والمروة. ويكون سبعة أشواط وذلك بعد الطواف؛ يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة، ويسنّ للحاج أن يدعو عند الصفا وعند المروة وأن يسرع في السعي بين الميلين الأخضرين فوق الرمل ودون الجري.
الحلق أو التقصير. إذا أتم الحاج سعيه وكان متمتعًا يحلق شعره أو يقصّره، والحلق أفضل ثم يتحلل، ويكون قد أدى العمرة، ثم ينتظر حتى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة. أما المفرد والقارن فلا يحلقان بعد الفراغ من السعي ولا يتحللان من إحرامهما.
التوجه إلى منى. إذا جاء يوم التروية أحرم المتمتع من مكان إقامته بمكة، ويحرم من أراد الحج من أهل مكة من بيته يوم التروية أيضًا، ويتوجه في هذا اليوم جميع الحجاج إلى منى فيصلون فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويبيتون فيها ليلة عرفة ويصلون فيها فجر يوم عرفة.
التوجه إلى عرفة يوم التاسع من ذي الحجة
بعض الحجاج على جبل الرحمة في عرفات.
التوجه إلى عرفة. يتوجه جميع الحجاج إلى عرفة يوم التاسع من ذي الحجة للوقوف هناك، ويصلون الظهر والعصر مع الإمام جمع تقديم وقصر. ويدعون الله بما شاءوا؛ لأن خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما يدعو به المسلم في ذلك اليوم ما ثبت في الحديث عن النبي ³: ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ماقلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) رواه الترمذي. والوقوف بعرفة ركن الحج الأكبر لا يصح الحج إلا به، لقول النبي ³: ( الحج عرفة ) رواه أبو داود وابن ماجة. وزمن الوقوف بعرفة من طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر، وأفضله الموافق للسُّنة أن يجمع الحاج بين جزء من نهار يوم عرفة وجزء من ليلة يوم النحر.
الدفع إلى مزدلفة. إذا غابت شمس يوم التاسع من ذي الحجة يدْفع الحاج إلى مزدلفة (المشعر الحرام) ويصلي بها المغرب والعشاء جمع تأخير ويدعو الله بما شاء، قال تعالي: ﴿فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام﴾ البقرة: 198 . ويـبيت الحاج ليلة العاشر من ذي الحجة في مزدلفة ويصلي فيها الفجر ويلتقط منها سبع حصيات.
جمرة العقبة الكبرى يتوجه الحاج إليها أول أيام العيد، وهي أقرب الجمار إلى مكة ويرميها بالحصيات السبع التي التقطها من مزدلفة
جمرة العقبة الوسطى حيث يرمي الحاج الجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى خلال ثاني وثالث أيام العيد
الجمرة الصغرى حيث يبدأ الحاج برميها ثاني وثالث أيام العيد
رمي جمرة العقبة الكبرى. يتوجه الحاج يوم عيد الأضحى إلى جمرة العقبة الكبرى، وهي أقرب الجمار إلى مكة وأبعدها عن مزدلفة ويرمي جمرة العقبة الكبرى بالحصيات السبع التي التقطها من مزدلفة. ويسنّ أن يكون الرمي بعد طلوع الشمس إلى زوالها، ولو قدم الرمي قبل طلوع الشمس فإنه يجوز أن يرمي بعد منتصف ليلة العاشر من ذي الحجة.
الذبح أو النحر. بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يذبح الحاج هديه، وذبح الهدي واجب على المتمتع والقارن، ثم يحلق الحاج شعره أو يقصره والحلق أفضل.
طواف الإفاضة. يطوف الحاج طواف الإفاضة على طهارة. وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج لقوله تعالي: ﴿ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوّفوا بالبيت العتيق﴾ الحج: 29 . وإن قدَّم الحاج الحلق على الذبح أجزأه. وبالحلق ـ بعد رمي جمرة العقبة ـ يتحلل الحاج من محظورات الإحرام كلها إلا الجماع؛ أي أنه يتحلل التحلل الأصغر.
سعي المتمتع. يسعى الحاج المتمتع بعد طواف الإفاضة سعي الحج، وهو ركن من أركان الحج لا يصح الحج بتركه، أما المفرد والقارن فلا يسعيان بعد طـواف الإفاضة إذا كانا سعيا بعد طواف القدوم فإن ذلك سعي الحج لهما، وإذا لم يكونا سعيا بعد طواف القدوم لزمهما سعي الحج بعد طواف الإفاضة. ومع أن المتمتع يؤدي حجًا وعمرة كالقارن، إلا أنه يسعى بعد طواف القدوم سعي العمرة ويسعى بعد طواف الإفاضة سعي الحج، أما القارن فلا يلزمه إلا سعي واحد سواء سعاه بعد طواف القدوم أم بعد طواف الإفاضة، ويكون هذا سعيًا للعمرة وللحج لقول النبي ³ لعائشة لما جمعت بين الحج والعمرة: ( يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك ) رواه مسلم. ولا يشترط أن يكون طواف الإفاضة والسعي بعد يوم العيد، كما لا يشترط أن يكون الذبح يوم العيد، بل إن وقت الذبح كل أيام التشريق من بعد صلاة يوم العيد إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. أما طواف الإفاضة والسعي فلا آخر لوقتهما، فيجوز للحاج أن يؤخرهما مادام في مكة، ولكن لا يتحلل التحلل الأكبر إلا بعد طواف الإفاضة.
منى يتوجه إليها الحاج يوم التروية
مسجد الخَيْف في مِنى
الحجاج يستعدون للتحرك من منى إلى عرفات.
المبيت بمنى. يبيت الحاج بمنى ليلتين أو ثلاث ليال، وهي ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة. والمبيت بمنى واجب يلزم بتركه الدم. لكن يجوز الاقتصار على ليلتين بدلاً من ثلاث لقوله تعالى: ﴿فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى﴾ البقرة: 203.
رمي الجمرات. يرمي الحاج في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر جمرات العقبة كل واحدة سبع حصيات يبدأ رميه بجمرة العقبة الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى. ووقت الرمي من زوال الشمس إلى غروبها، ولو أخره إلى منتصف الليل جاز. ولا يجوز الرمي قبل زوال الشمس.
طواف الوداع. إذا أتم الحاج المبيت في منى ليلتين أو ثلاثًا؛ يكون قد أنهى مناسك الحج إذا كان قد طاف طواف الإفاضة وسعى سعي الحج، ولكن يلزمه قبل أن يغادر إلى بلده أن يطوف طواف الوداع. ولو جمع طواف الإفاضة مع الوداع أجزأه ذلك، وطواف الوداع واجب على الحاج لقول النبي ³: ( لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ) رواه مسلم. ويسقط طواف الوداع عن الحائض أو النفساء لحديث صفية عندما حاضت فقال ³: ( أحابستنا هي؟ قالوا: يارسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: فلا إذًا ) أي فلا حبس علينا إذًا. رواه البخاري ومسلم. ولم يأمرها رسول الله ³ بفدية. ولما قاله ابن عباس رضي الله عنهما: ( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض ) رواه البخاري ومسلم. وكذلك يسقط طواف القدوم عن الحائض أو النفساء إذا حصل الحيض أو النفاس عند قدوم مكة. ولا يجوز للحائض أو النفساء دخول البيت فضلاً عن الطواف فيه، فإن عائشة أم المؤمنين لما حاضت أمرها النبي ³ بالإعراض عن أفعال العمرة وأن تحرم بالحج فتصير قارنة ولم يمنعها من أداء المناسك وهي حائض إلا من الطواف. رواه البخاري ومسلم.