يقول صاحب القصة: (كنت شاباً غافلاً عن الله، بعيداً عنه، غارقاً في لُجَج المعاصي والآثام، فلما أراد الله لي الهداية، قدّر لي حادثاً أعادني إلى رشدي، وردّني إلى صوابي.. وإليكم القصة:
في يوم من الأيام، وبعد أن قضينا أياماً جميلة في نزهة عائلية في مدينة الدمام، انطلقتُ بسيارتي عبر الطريق السريع بين الدمام والرياض ومعي أخواتي الثلاث، وبدل أن أدعو بدعاء السفر المأثور، استفزني الشيطان بصوته، وأجلب عليّ بخَيله ورَجله، وزين لي سماع لهو الحديث المحرم لأظل سادراً غافلاً عن الله.
لم أكن حينذاك أحرص على سماع إذاعة القرآن الكريم أو الأشرطة الإسلامية النافعة للمشايخ والعلماء، لأن الحق والباطل لا يجتمعان في قلب أبداً.
إحدى أخواتي كانت صالحة مؤمنة، ذاكرة لله، حافظة لحدوده.. طلبتْ مني أن أسكتَّ صوت الباطل، وأستمع إلى صوت الحق، ولكن ... أنى لي أن أستجيب لذلك وقد استحوذ عليّ الشيطان، وملك عليّ جوارحي وفؤادي، فأخذتني العزة بالإثم ورفضتُ طلبها، وقد شاركني في ذلك أختاي الأخريان.. وكررتْ أختي المؤمنة طلبها فازددتُّ عناداً وإصراراً، وأخذنا نسخر منها ونحتقرها، بل إني قلتُ لها ساخراً: أن أعجبك الحال وإلا أنزلتُكِ على قارعة الطريق.
فصمّتت أختي على مضض، وقد كـرهتْ هـذا العمل بقلبها، وأدّت ما عليـها، والله -سبحانه- لا يكلف نفساً إلا وسعها.
وفجأةً .. وبقدر من الله سبق، انفجرت إحدى عجلات السيارة ونحن نسير بسرعة شديدة، فانحرفت السيارة عن الطريق، وهوت في منحدر جانبي، فأصبحت رأساً على عقب بعد أن انقلبتْ عدة مرات، وأصبحنا في حال لا يعلمها إلا الله العلي العظيم، فاجتمع الناس حول سيارتنا المنكوبة، وقام أهل الخير بإخراجنا من بين الحطام والزجاج المتناثر.. ولكن... ما الذي حدث؟
لقد خرجنا جميعاً سالمين -إلا من بعض الإصابات البسيطة- ما عدا أختي المؤمنة.. أختي الصابرة.. أختي الطيبة.
فقد لفظت أنفاسها الأخيرة تحت الركام.
نعم.. لقد ماتت أختي الحبيبة التي كنا تستهزئ بها، واختارها الله إلى جواره، وإني لأرجو أن تكون في عداد الشهداء الأبرار وأسأل الله -عز وجل- أن يرفع منزلتها ويُعلي مكانتها في جنات النعيم.
أما أنا فقد بكيتُ على نفسي قبل أن أبكي إلى أختي، وانكشف عني الغطاء، فأبصرت حقيقة نفسي وما كنتُ فيه من الغفلة والضياع، وعلمت أن الله -جل وعلا- قد أراد بي خيراً وكتب لي عمراً جديداً، لأبدأ حياة جديدة ملؤها الإيمان والعمل الصالح.
أما أختي الحبيبة فكلما تذكرتها أذرف دموع الحزن والندم، وأتساءل في نفسي: هل سيغفر الله لي؟ فأجد الجواب في كتاب الله -عز وجل- في قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم).
وختاماً أحذّركم -إخواني في الله- من الغفلة، فأفيقوا أيها الغافلون، وخذوا من غيركم العبرة قبل أن تكونوا لغيركم عبرة.
فيا غافلاً في غمـرة الجهل والهـوى *** صريع الأمانـي عن قريبٍ ستنـدم
أفقْ قد دنا اليـوم الذي ليس بعـده *** سوى جنة أو حــرَّ نــار تضرَّم
وبالسنـة الغرّاء كن متمسكـــاً *** هي العُروة الوُثقى التي ليـس تُفصم
تمسّك بها مَسك البخيـل بمالـــه *** وعُضَّ عليهـا بالنَّواجذ تسلـــم[/b]
èèèèèèèèèèèèèèèèèèèèè
توبة أسرة كاملة على يد أحد أبنائها
أسرة كاملة كانت تعيش على الحرام، وتأكل الحرام.. ويقدّر الله ويهتدي أحد أبنائها فيكون سبباً في هداية الأسرة كلها.. يروي القصة فيقول:
(أنا شاب عشتُ حياة مترفة مع أبي في أحد الأحياء الراقية بالقاهرة، وكان الخمر يقدم على المائدة بصورة طبيعية.. وكنتُ أعرف تماماً أن دخل والدي كله من الحرام وخاصةً الربا... وكان بجوار بيتنا مسجد كبير فيه شيخ يسمى (إبراهيم) وفي يوم من الأيام كنتُ جالساً في شرفة المنزل والشيخ يتحدث، فأعجبني كلامه، فنزلتُ من الشرفة وذهبتُ إلى المسجد لأجد نفسي كأنني قد انسلختُ من كل شيء، وأصبحت شيئاً آخر.
كان الشيخ يتحدث عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أيما جسد نبت من حرام فالنار أولى به) فوجدتُ نفسي لا أريد أن أدخلَ البيت، ولا أن آكل منه شيئاً، صرتُ أدخل وأخرج، وأتعمدُ ألا آكل شيئاً وأجلسُ بعيداً عن أسرتي، وأضع أمامي قطعة من الجبن وبعض (الفلافل)، وأسرتي أمامها كل ما تشتهيه النفس من الطعام. كادتْ أمي تموت همّاً من أجلي، تريدني أن آكل معهم ولكني رفضتُ وأفهمتها أن مال أبي حرام، وأنهم يأكلون حراماً ويشربون حراماً، فانضمتْ أمي إلىّ، والتزمتْ بالصلاة، وبعدها انضمت إلينا أختي، أما أبي فقد أصرّ على فعله عناداً واستكباراً.
كنت أتعامل مع أبي بأدب واحترام، وقمتُ أنا وأمي وأختي كل منا يجتهد في الدعاء لأبي، كنتُ أقوم الليل فأسمع نحيب أمي وأختي وتضرعهما إلى الله أن يهدي والدي.
وفي صباح يوم من الأيام استيقظ لأجد أبي قد تخلص من كل الخمور التي في البيت، ثم أخذ يبكي بكاءُ شديداً ويضمني إلى صدره ويقول:
سوف أتخلص من كل شيء يُغْضبُ الله.
ولما حان وقت الصلاة، أخذتُ والدتي وذهبنا إلى المسجد، وصار يسمع خطب الشيخ، والحمد لله تخلص من الربا ومن الخمور وأصبح بيتنا -ولله الحمد- مملوءاً بالطاعات..)