قال تعالى : "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (آل عمران:191) ، فجعل الله سبحانه المتفكرين في خلق السماوات والأرض من الذاكرين ، وكان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون في شتّى الأمور ، فعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: "دخلت على النّبي – صلّى الله عليه وسلم – وعقلت ناقتي بالباب. فأتاه ناسٌ من بني تميم فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم. قالوا: قد بشّرتنا فأعطنا ( مرّتين ). ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن أنْ لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قد قبلنا يا رسول الله. قالوا: جئنا نسألك عن هذا الأمر. قال كان الله ولم يكن شيء غيره. وكان عرشه على الماء. وكتب في الذِّكر كلّ شيءٍ. وخلق السماوات والأرض. فنادى منادٍ: ذهبت ناقتك يا ابن الحصين. فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب. فوالله لوددت أني كنت تركتها" . و دعوة البعض إلى عدم السؤال عن قصة الخلق واعتبارها من المحظورات بدعة ، ولا يوجد تعارض بين المنجزات العلميّة الحديثة والإكتشافات والنظريّات التي تبحث في نشأة و أصل الكون ، و بين الدّين . فالدّين يدعو إلى العلم والتعلّم والإكتشاف والتفكير .
وقد قال سبحانه : " وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالأرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ " (48-47 الذّاريات). وتوافق الآية الكريمة نظريات العلماء عن توسع الكون وتمدده اللانهائي .
وتقول نظريّات العلماء بأن أصل الكون حدث من إنفجار كبير لمادّة ذات كثافة عالية ، وأنه يتمدّد منذ ذلك الحين بلا توقف وفي كل الإتجاهات . " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ " (الانبياء:30) ، وقد تكونت المجرات والكوااكب على مر ملايين السّنين ، و الزمن نسبي ، فلا يمكن اعتبار أن في ذلك تعارض مع قول الله تعالى : " وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ " (هود:7) ، حيث جاء ذكر أن اليوم عند الله بألف سنة مما تعدّون .
والجدير بالذّكر أن نظريّة الإنفجار العظيم تتحدّث عن نشأة الكون وخلقه وكذلك تتحدث عن أنّ الكون سينتهي كما بدأ ، أي بعودة الكون إلى نفس النقطة ثانية ، وقد قال تعالى : " يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ " (الانبياء:104) .