لطالما وعدت الحكومة المواطنين وتوعدت المضاربين، في إطار سعيها للتحكم في أسعار البطاطا التي عجز أكثر من وزير عن جعل سعرها لا يتجاوز الـ50 دينارا، باللجوء إلى الواردات لسد العجز في الإنتاج، غير أن الواقع يؤكد أن الأمر صار
مستحيلا، بعد أن أصبحت أسعار البطاطا تسجل أرقاما قياسية حتى في أوج موسم جنيها.
من مافيا لاحتكار استيرادها إلى لوبيات لتخزين الإنتاج في المبردات
24 طنا استوردتها الجزائر من بلجيكا العام الماضي
أسعار البطاطا تسجل أرقاما قياسية في أوج موسم جنيها
أكدت مصادر من قطاع الفلاحة، في تصريح لـ”الخبر”، احتكار مجموعة من البارونات نشاط توزيع مادة البطاطا، تقوم بتحديد سعر هذه الأخيرة، من خلال الاجتماعات التي تعقدها في “مقاهي” منتشرة عبر كامل التراب الوطني، على شاكلة البورصات الدولية، في غياب تام لرقابة الدولة.
ويعمد محتكرو توزيع البطاطا من التجار، حسب نفس المصادر، إلى تخزين البطاطا المنتجة محليا في المبردات عوض توزيعها على تجار التجزئة، لتقليص العرض مقابل ارتفاع الطلب عليها باعتبارها مادة أساسية في أطباق الجزائريين، ما يتسبب في التهاب الأسعار، ليدفع بذلك المستهلك الجزائري ثمن غياب رقابة المصالح المكلفة بالسهر على تقييد ظاهرة المضاربة والاحتكار.
من جهة أخرى، أكدت أرقام الجمارك التي تحصلت “الخبر” عليها، عودة الحكومة إلى استيراد البطاطا بعد أن امتنعت عن ذلك سنة 2013، لتستورد من بلجيكا، السنة الماضية، ما يمثل 24 طنا. ويبقى المواطن الجزائري تحت رحمة مافيا الاستيراد والتخزين، المحددة لسعر البطاطا وأسعار العديد من المواد الأساسية الأخرى، في انتظار التفاتة من الحكومة لإيجاد ميكانيزمات فعالة تعمل على القضاء على ظاهرة الاحتكار والمضاربة.
موجة الحرارة تسببت في إخراج مخزونها
البطاطا بـ30 دينارا بالجملة و60 دينارا بالتجزئة
انخفض سعر البطاطا في أسواق الوادي، هذه الأيام، إلى 60 و70 دينارا للكلغ الواحد، بسبب الدخول المبكر لموسم الحرارة، بعد أن كان سعرها، قبل شهر، يفوق 100 دينار بسوق التجزئة في منطقة تحتل المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج البطاطا. وأجبر ارتفاع الحرارة، هذه الأيام، المضاربين والمنتجين على إخراج مخزون البطاطا من الأرض وإدخاله إلى السوق خوفا من الكساد والتلف. وأكد بعض الفلاحين من بلديات حاسي خليفة والرڤيبة وورماس وأميه ونسة بأنهم كانوا، قبل شهر، يبيعونها بسعر الجملة انطلاقا من المزارع بـ 60 و65 دينارا، وذلك بسبب موجة البرد القارس التي ضربت المنطقة وجعلت الفلاحين وعدة مضاربين يتحكمون في سوق البطاطا والاحتفاظ بالإنتاج مخزنا في الأرض أي عدم جنيه والإبقاء عليه في مكانه بالمزارع وكأنه في غرف تكييف، وبالتالي التحكم في العرض والطلب لصالحهم. وأوضح هؤلاء أن الأمر تغير بدخول موسم الحرارة هذه الأيام، حيث إن بقاء الإنتاج تحت الأرض يعرضه للتعفن والتلف، ما اضطرهم إلى إخراج المنتوج وإغراق السوق، حيث وصل سعر الجملة في المزارع إلى حد 20 و30 دينارا، ليصل إلى المستهلك بسعر 60 أو 70 دينارا، مع تكاليف النقل واحتساب الربح بالنسبة لتجار التجزئة أو السماسرة. ولم يخف بعض السماسرة، في تصريحات لـ«الخبر”، عودة الأسعار إلى الارتفاع إذا ضربت المنطقة مجددا موجة البرد أو العواصف الرملية، حيث ترتفع تكاليف نقل البطاطا من الحقول وبالتالي ارتفاع أسعارها.
حكومة تستنجد بفلاحين أجانب لإنقاذ جيوب الجزائريين
500 ألف قنطـار تنتظر الجني والتهــــاب في أسعـار البطاطا
في الوقت الذي كان ينتظر من وزير الفلاحة تقديم تبريرات مقنعة لتفسير ارتفاع أسعار البطاطا، الملف الذي عجزت الحكومة عن فك لغزه منذ سنوات، فاجأ عبد الوهاب نوري الجزائريين بتصريحاته المخيبة للآمال، التي كشفت عن دراسة الحكومة لمشروع يتعلق بجلب فلاحين أجانب لجني المحاصيل من بطاطا وغيرها من المنتجات الفلاحية. وكان عبد الوهاب نوري قد أكد، في إحدى خرجاته الإعلامية، أن مشروع جلب فلاحين أجانب “قيد الدراسة”، معلنا عجز الحكومة عن جني محصول 15 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية المخصصة لإنتاج البطاطا، أي ما يمثل، حسب الوزير، 500 ألف قنطار من البطاطا، في الوقت الذي ارتفع سعر الكلغ من هذا المنتوج خلال الأشهر الماضية إلى أكثر من 80 دينارا، يدفع ثمن ارتفاعها المواطن الجزائري الذي لا يمكنه الاستغناء عن البطاطا في أطباقه اليومية.
أسعار البطاطا والطماطم تحدد في الصباح الباكر
تجار الجملة يفرضون منطقهم على أسواق وهران
لم تستقر أسعار الطماطم والبطاطا في أسواق ولاية وهران، رغم الوفرة الملحوظة في مختلف المنتوجات الفلاحية هذه الأيام، حيث عرض تجار التجزئة البطاطا، نهار أمس، بأسعار تتراوح بين 60 و80 دج للكيلوغرام، في حين عرضت الطماطم بسعر تراوح بين 85 و150 دج للكيلوغرام.
ويؤكد تجار التجزئة الذين تحدثوا مع “الخبر” أن الأسعار تحدد في الصباح الباكر في سوق الجملة للكرمة، والتي يفرض المشتغلون فيها الأسعار “ما يمنحنا هامشا ضئيلا من الفائدة، فقد بيعت البطاطا صباح اليوم في هذه السوق بـ45 و70 دج للكيلوغرام حسب النوعية. ولا يستطيع تجار التجزئة شراء كميات كبيرة عندما تنخفض الأسعار، لأنهم لا يملكون أي ضمان لاستقرارها. وعليه، صرنا نفضل شراء كميات قليلة نقدر أننا نستطيع تسويقها في نفس اليوم، لكي لا نتكبد خسائر في حال ما تغيرت أسعارها في اليوم الموالي في سوق الجملة”.
كما يؤكد العاملون في سوق الجملة أن كميات كبيرة من البطاطا تدخلها هذه الأيام من مستغانم، معسكر، غليزان والشلف، في حين تصل كميات كبيرة أيضا من طماطم الصحراء، والتي بدأ فلاحو مستغانم يدخلونها إلى السوق هذه الأيام، لكن تحرير الأسعار منع تجار الجملة من فرض منطقهم على السوق.