الإجَابَات المُسْكِتَة مَظهر مِن مَظاهر بَرَاعة اللُّغَة، وإشرَاقة العَقْل، وغرُوب الغَبَاء،
لأنَّ تِلك الإجَابَات تَقتَرن دَائمًا بسُرعة البَديهَة، وسُرعة البَديهَة تُعتبر نِعمة مِن
أقوَى النِّعَم؛ التي امتنّ الله بِهَا عَلَى عِبَاده..!
وحتَّى لَا نُطيل في التَّنظير، إليكُم بَعض الأمثِلَة، التي تُعطي الأجوبة المُسكتة شَيئًا
مِن الجَمَال والتَّقدير:
ولَعلَّ أوّل مِثَال للأجوبة المُسْكِتَة؛ مَا جَاء عَلى لِسَان الأديب الإنجليزي السَّاخِر
«جورج برنارد شو»، حِين سَأله رَجُل قَائلاً: (يَا جورج، أليسَ الطبَّاخ أنفَع للأُمَّة
مِن الشَّاعِر أو الأديب)؟ فقَال «برنارد شو»: (الكِلَاب تَعتقد ذَلك)..!
ومِن الإجَابَات المُسْكِتَة التي تَدلُّ عَلى بَرَاعة اللُّغَة -حِين تُستخدم في الخَوف مِن
أصحَاب السُّلْطَة- مَا جَاء في القصّة التي تَقول: إنَّ «الحَجّاج» ذَات يَوم سَأل رَجُلاً
قَائلاً لَه: (مَن أَطْوَل؛ أنَا أم أَنت)؟ فقَال الرَّجُل: (أنتَ أطوَل عَقلاً، وأنَا أبسَط قَامَة)..
وكُلّنا يَعرف أنَّ «الحجّاج بن يوسف» كَان قَصير القَامَة بشَكلٍ لَافِت، لذَلك قَالَت
العَرَب: (اتّقِ شَرّ مَن يَدنو مِن الأرض)..!
وإذَا عُدنا إلَى الأجوبة المُسْكِتَة في اللُّغَة الإنجليزيّة، سنَجد تِلك القصّة التي تَقول:
كَان «لويد جورج» يَخطب في البرلمَان عَن حُريّة المَرأة، والقَوانين الخَاصَّة
بالنِّسَاء، فشَنَّ عَلى المَرأة حَملةً شَعوَاء، فصَاحت إحدَى الحَاضِرَات قَائلة:
(لَو كُنتَ زَوجي لسَممتك)، فأجَابها فَورًا قَائلاً: (لَو كُنتِ زَوجتي لشَرَبْت أنَا السّم)..!
ومِن الإجابَات الظَّريفة التي تُضْحِك كُلّ مَن يَقرأها، تِلك القصّة الشَّهيرَة التي تَقول:
ذَهَب كَاتِب شَاب إلَى الرِّوَائي الفرنسي المَشهور «إسكندر ديماس»، وعَرَض عَليه
أن يَتعاونا مَعًا في كِتَابة إحدَى القصَص التَّاريخيّة، وفي الحَال أجَابَه «ديماس» في
سُخرية وكبريَاء قَائلاً: (كَيف يُمكن أنْ يَتعاون حصَان وحمَار في جَرِّ عَرَبَة وَاحِدَة)؟
وعَلى الفَور رَدَّ عَليه الشَّاب قَائلاً: (هَذه إهَانَة يَا سيّدي.. كَيف تَسمَح لنَفسك أنْ
تُصنّفني بأنَّني حصَان)؟!
راق لي .