بسم الله الرحمن الرحيم
[/size]
[size=48]السلام عليكم ورحمة الله [/size]
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد: فمن عقائد الإسلام الثابتة الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، النعيم لأهل الطاعة والإيمان، والعذاب لأهل الكفر والعصيان، دل على ذلك القرآن والسنة المتواترة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب القبر وأمر أمته أن تستعيذ منه، وكَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا الْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ» (رواه الترمذي وابن ماجة وحسنه الألباني) وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بعض أسباب عذاب القبر لتجتنبها وتسارع إلى التوبة منها، وفي هذه المقالة جمع لهذه الأسباب من مصادر السنة الصحيحة نسأل الله أن ينفع بها.
1-الكفر والشرك بالله
أول هذه الأسباب الكفر والشرك بالله وقد دل عليه قوله تعالى: (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (غافر:45-46)، ومر النبي صلى الله عليه وسلم على أقبر في المدينة فقال مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الْأَقْبُرِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَالَ فَمَتَى مَاتَ هَؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الْإِشْرَاكِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم :«إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ » (رواه مسلم)
2-النفاق والشك
وأما النفاق فدل عليه قوله سبحانه: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) (التوبة:101) الأولى في الدنيا والثانية في القبر، وقال صلى الله عليه وسلم:«إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ، أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ، وَالْآخَرُ النَّكِيرُ، فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: مَا كَانَ يَقُولُ، هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ، فَيَقُولَانِ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلْأَرْضِ: الْتَئِمِي عَلَيْهِ، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ، فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلَاعُهُ، فَلَا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ» (رواه الترمذي وحسنه الألباني).
3-التهاون بالصّلاة 4-وترك العمل بالقرآن
ومن أسباب عذاب القبر التهاون بالصلاة وترك العمل بالقرآن، فقد رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في منامه رَجُلا مُضْطَجِعا وَآخَرُ قَائِما عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ يَهْوِي بِها على رَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ (أي يهشم) فَيَتَهَدْهَدُ (يتدحرج) الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى فقال للملكين سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ فأجاباه فيما بعد:« أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ» (رواه البخاري عن سمرة بن جندب)
5-إشاعة البهتان
ومن أسبابه الكذب ونشر البهتان من غير تثبت، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث السابق رَجُلٍا على ِقَفَاه وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ (يشق) شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى...ثم قال الملكان : «وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ».
6- الزّنا
ومما ورد في حديث سمرة من الأسباب الزنا، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:«فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا (أي صاحوا) قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلَاءِ؟ وكان جواب الملكين:« وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ».
7- أكل الرّبا
وآخر سبب ذكر في حديث سمرة أكل الربا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ؟ وكان جواب الملكين:« وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا ».
وقد لعن رسوله الله صلى الله عليه وسلمآكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ (رواه مسلم).
8-الإفطار في رمضان لغير عذر
ومن أسباب عذاب القبر الإفطار في رمضان لغير عذر، بل والإفطار قبل غروب الشمس ولو بدقائق معدودة، قال صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِى رَجُلاَنِ فَأَخَذَا بِضَبْعَىَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلاً وَعْرًا فَقَالاَ لِي: اصْعَدْ فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أُطِيقُهُ فَقَالاَ: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِى سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا أَنَا بَأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ فَقُلْتُ : مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ قَالُوا : هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِى فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةٌ أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ:هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ » (رواه النسائي في الكبرى وصححه ابن خزيمة وابن حبان)
9-مخالفة العمل للقول
ومن أسباب عذاب القبر مخالفة العمل للقول، قال صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رِجَالًا تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا يَعْقِلُونَ» (رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني).
10-السرقة 11-والغلول
من أسباب عذاب القبر السرقة لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد صلاة الكسوف :« لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ» (رواه مسلم) من السرقة الغلول الذي هو أخذ الشيء من المغنم في خفية ومنه كل اختلاس من المال العام، فقد قَالَ النَّاسُ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتيل هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» (متفق عليه).
12-ترك الاستنزاه من البول
من أسباب عذاب القبر ترك الاستنـزاه من البول، عن ابن عباس قال مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَإِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ بَلَى أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ » (متفق عليه).
13- الغيبة 14-والنميمة
من أسباب عذاب القبر الغيبة وهي ذكرك للمسلم بما يكره في غيابه، والنميمة وهي نقل كلام الناس بعضهم لبعض لإفساد ذات بينهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ » (متفق عليه) وفي لفظ لمسلم "نمام"، وقد سبق حديث ابن عباس وقد بوب له البخاري في كتاب الجنائز بباب "عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْغِيبَةِ وَالْبَوْلِ" وجاء من رواية أبي بكرة :«وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُعَذَّبُ فِي الْغَيْبَةِ» (رواه أحمد وابن ماجة واللفظ له وحسنه الألباني).
14-الكبر والخيلاء
قال صلى الله عليه وسلم :«بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ يَمْشِي فِي بُرْدَيْهِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (متفق عليه واللفظ لمسلم) ولفظ البخاري:« بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ » والتجلجل: أن يغوص في الأرض هو يضطرب وينقلب من شق إلى شق، وهذا يدل على أن الكبر والفخر وجر الإزار من الخيلاء من أسباب عذاب القبر.
15-تعذيب الحيوان
وذلك لما جاء في خبر رؤيته صلى الله عليه وسلم النار في صلاة الكسوف: «وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا»
16-الديون
ومن الأسباب المؤدية إلى عذاب الميت في القبر، أو حبس الميت عن النعيم الدَّين، فعَنْ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ أَنَّ أَخَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِرْهَمٍ ...فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ أَخَاكَ مُحْتَبَسٌ بِدَيْنِهِ فَاقْضِ عَنْهُ» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَدَّيْتُ عَنْهُ إِلَّا دِينَارَيْنِ ادَّعَتْهُمَا امْرَأَةٌ وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ قَالَ:« فَأَعْطِهَا فَإِنَّهَا مُحِقَّةٌ» (رواه ابن ماجة وصححه الألباني).
17- النياحة
قَالَ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ »(متفق عليه) والمراد بالبكاء النياحة لقوله صلى الله عليه وسلم:« مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» (متفق عليه)، والحديث عند بعض أهل العلم محمول على ما إذا كان من عاداتهم ووصيتهم، فإنه يعذب على ترك نهيه لهم، ومعناه عند آخرين أن الملائكة تنهره وتسأله عما يقوله النائحون كما جاء عند الترمذي وابن ماجة:«مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِ فَيَقُولُ وَا جَبَلَاهْ وَا سَيِّدَاهْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِلَّا وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ أَهَكَذَا كُنْتَ» (حسنه الألباني).
وهذا آخر ما تيسر جمعه من أسباب عذاب القبر نسأل الله تعالى أن ينفع بها وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين