التَّحمل والأداء
التحمل هو نقل الحديث عن الغير (الشيخ). ويقصد بالأداء راوية الحديث (التلميذ) أو ما يعرف بطالب الحديث لغيره.
ولكل من التحمل والأداء شروط، فمن شروط التحمل: التمييز، والضبط لما يرى ويسمع، وأول زمن يصح فيه السماع للصغير ـ كما حدده المحدثون ـ خمس سنوات، وقيل: أقل وقيل: أكثر. والصحيح أن العبرة بالتمييز والضبط؛ فقد يكون ابن أربع سنين، وهو مميز ضابط، وقد يكون ابن سبع سنين، وهو ليس كذلك. والصبي وإن جاز تحمّله، إلا أنه لايؤدي إلا بعد البلوغ، وكذا الكافر لايؤدي ماتحمّله إلا بعد الإسلام.
وأما شروط الأداء فهي: الإسلام والبلوغ والعقل والعدالة والضبط.
طرق التحمل. للتحمل ثماني طرق، وعلى من تحمل بطريق من هذه الطرق، أن يعبر عن الأداء بصيغة تدل على ذلك الطريق، الذي تحمَّل به، ويسميها المحدثون صيغ الأداء.أما طرق التحمل والصيغ التي تدل عليها فهي:
السماع من لفظ الشيخ. سواء أكان يحدث من حفظه، أم من كتابه ومع إملاء أم غير إملاء. وهذا الطريق أعلى أنواع التحمل عند الجمهور سلفًا وخلفًا. وصيغ الأداء عن هذا الطريق: سمعت أو سمعنا، حدثني أو حدثنا، أخبرني أو أخبرنا سماعًا منه، أنبأني أو أنبأنا سماعًا منه.
القراءة على الشيخ. (العرض). يقرأ فيه أحد التلاميذ على الشيخ سواء قرأ من كتاب أم من حفظه، وسواء أكان الشيخ يحفظ مايقرأ عليه أو لا يحفظ، ولكن يمسك أصله هو أو ثقة غيره. وهذه رواية صحيحة بلا خلاف في جميع ذلك على الراجح، وهي تلي السماع. وصيغ الأداء عن هذا الطريق: قرأت على فلان، أو قرئ على فلان وأنا أسمع، أو أخبرني بقراءتي عليه، أو أخبرنا قراءة عليه، أو حدثني بقراءتي عليه، أو حدّثنا قراءة عليه وأنا أسمع، أو أنبأنا أو أنبأنا قراءة عليه.
الإجازة. هي إذن الشيخ للطالب في الرواية عنه، من غير سماع منه ولاقراءة عليه، فهي إخبار إجمالي بمروياته. وتكون إما بالتلفظ أو بالكتابة وهي أنواع منها:1- الإجازة لمعيَّن في معيَّن، كأجزتك أو أجزتكم كتاب كذا، وهو أعلى الأنواع. 2- الإجازة لمعيَّن في غير معيَّن كأجزتك أو أجزتكم جميع مسموعاتي أو مروياتي. والرواية بها جائزة، والعمل بما روي بها واجب بشرطه... إلخ.
وألفاظ الأداء عن الإجازة: أجازني أو أجازنا فلان، حدثني فلان أو حدثنا إجازة، أخبرني فلان أو أخبرنا إجازة. والذي عليه العمل، واستقر عليه الاصطلاح، أنها تؤدَّى بلفظ أنبأنا، ولايطلق فيها لفظ حدثنا أو أخبرنا.
المناولة. هي على نوعين، مناولة مقرونة بالإجازة، كأن يناول الشيخ الطالب كتابه ويقول: هذا سماعي أو روايتي عن فلان فاروه عني. وهذه أعلى أنواع الإجازة، وهي مجمع على صحة الرواية بها، والنوع الآخر مناولة مجردة عن الإجازة، كأن يناول الشيخ التلميذ الكتاب مقتصرًا على قوله: هذا سماعي، أو هذا من حديثي، ولايقول له: اروه عني. وقد اختلف العلماء في قبولها وصحة الرواية بها.
تؤدَّى المناولة بصيغ منها: ناولني أو أجازني فلان، أو ناولني مع الإجازة، أو حدثني فلان بالمناولة والإجازة، أو أخبرني فلان بالإجازة والمناولة، أو أنبأني فلان بالإجازة والمناولة، أو إجازة ومناولة.
المكاتبة أو الكتابة. هي أن يكتب الشيخ مسموعاته أوشيئًا من حديثه لحاضر عنده أو غائب عنه، ويرسله إليه، سواء كتب بنفسه، أو أمر غيره بكتابته. ويكفي أن يعرف المكتوب له خط الكاتب، وهي قسمان: 1- أن تكون مقرونة بالإجازة. وهي في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة بالإجازة. 2- أن تكون مجردة من الإجازة. وهي جائزة معمول بها على الراجح.
وصيغ أداء المكاتبة هي: كتب إليَّ فلان، كاتبني فلان قال: حدثني فلان مثلاً، حدثني فلان بالمكاتبة والإجازة، أخبرني بالمكاتبة والإجازة، ولايجوز فيها؛ حدثني؛ وأخبرني على الإطلاق من غير تقييد.