الخلافة نصب رئاسة الدولة الإسلامية. وقد عرّفها الماوردي بأنها ¸خلافة عن النبوة، في حراسة الدين، وسياسة الدنيا·. والواقع أن الخليفة يجمع الصفتين الدينية والسياسية ـ أو الزمنية ـ فهو إمام المسلمين في صلاتهم وأميرهم في جهادهم، ورئيسهم في إدارتهم وقضائهم، وبالجملة صاحب الولاية العامة عليهم، يجمع في شخصه كل السلطات، ويفوض ما يشاء إلى من يشاء. كما يجمع في شخصه أيضًا صفات الحاكم المسلم العادل الذي يحكم بالشورى ويستظل بأحكام القرآن وسنة النبي ³ ويرعى إدارة تلك النفوس التي بايعته وسلمت له مصالحها العامة.
وجوب الخلافة. الخلافة أو الإمامة إنما عُرف وجوبها بالشرع لأن أصحاب رسول الله ³ عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر، وتسليم النظر في أمورهم إليه، وكذا في كل عصر بعد ذلك، ولم يُتْرك الناس فوضى في عصر من العصور، واستقر ذلك إجماعًا دالاً على وجوب تنصيب الإمام. وقد ورد في القرآن والحديث كثير من النصوص التي تدعو إلى طاعة أولي الأمر، قال تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ النساء : 59.
وروي عن النبي ³ أنه قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني ) متفق عليه. وقوله ³ (من خلع يدًا من طاعـة لقي الله يوم القيامة لا حـجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) رواه مسلم. وغير ذلك من الأحاديث التي وردت في هذا الصدد